آخر دعوى نفي الخلاف عنه ، تعليلا ـ على ما في كلام بعض الأعاظم ـ بأنّ الأمر بالكلّ أمر بالأجزاء من حيث إنّها في ضمنه ، لأنّ إيجاد الكلّ هو إيجادها كذلك وليس لإيجاد الكلّ أمرا آخر غير إيجاد أجزائه.
واعترض عليه بما تقدّم عن العلاّمة من جعله الصلاة في الدار المغصوبة من فروع المسألة ، تعليلا بأنّ الكون الّذي هو جزء الصلاة واجب بوجوبها فلا يجوز أن يكون منهيّا عنه ، مع سكوت العميدي عنه لظهور ذلك في أنّ محلّ الخلاف أعمّ ـ إلى أن قال ـ : فالأمر بالكلّ ليس أمرا بالأجزاء إلاّ تبعا لا أصالة فيأتي فيها من الخلاف ما كان في غيرها حرفا بحرف.
وصرّح بمثل ذلك بعض الأعلام ، ومن مشايخنا من أفاد أنّ الجزء بعنوان كونه جزءا لا ينفكّ عن الكلّ لأنّ وجوده عين وجود الكلّ ، كما أنّ وجود الكلّ عين وجوده ، فلا يعقل حينئذ عدم كونه واجبا بل يصير واجبا بوجوبه في ضمنه.
ومن الفضلاء من ذكر أنّ الجزء يجب بالوجوب النفسي والغيري باعتبارين ، فباعتبار كونه في ضمن المركّب واجب نفسي وباعتبار كونه ممّا يتوصّل به إلى الكلّ واجب غيري لتوقّفه عليه ، ضرورة أنّ وجود المركّب مسبوق بوجود أجزائه.
ومن الأفاضل من قال : بأنّه يجري الكلام في وجوب المقدّمة وعدمه بالنسبة إلى أجزاء الواجب أيضا ، نظرا إلى توقّف وجود الكلّ على وجودها ، فلابدّ من الإتيان بها لأجل أداء الكلّ فحينئذ يجب الإتيان بها لأجل أدائه بناءا على القول بوجوب المقدّمة ، ولا يجب بناءا على عدم وجوبها فالحال فيها كالحال في المقدّمات من غير فرق.
ثمّ ساق الكلام إلى نقل الفرق عن بعضهم بين الأمرين بأنّ دلالته على وجوب أجزائه على سبيل التضمّن لاندراجها فيه دون المقدّمات الخارجة ، لأنّه لا يعقل إفادته لوجوبها إلاّ على سبيل الاستلزام ، فلا وجه لجعل الدلالة في المقامين على نحو واحد.
ومن هنا يظهر أنّ دلالة وجوب الكلّ على وجوب أجزائه ممّا لا مجال للتأمّل فيها.
إلى أن قال : ويدفعه : أنّ هناك فرقا [ بيّنا ] بين وجوب الجزء بوجوب الكلّ وفي ضمنه ووجوب الجزء بسبب وجوب الكلّ ولأجله ، والقدر المسلّم في المقام هو الوجه الأوّل ولا ريب حينئذ أنّ المتّصف بالوجوب على الحقيقة إنّما هو الكلّ وأنّ الجزء إنّما يتّصف به من جهة اتّصاف الكلّ به ، فذلك الاتّصاف منسوب إلى الكلّ بالذات وإلى أجزائه بالعرض.
وأمّا الوجه الثاني فيتوقّف القول به على وجوب المقدّمة فهو وجوب غيريّ متعلّق