وقال قوم : إنّها حقيقة في الندب فقط *. وقيل : في الطلب ، وهو قدر المشترك بين الوجوب والندب **
__________________
والفقهاء ، وفي المنية إلى الشافعي وأكثر الفقهاء ، وجماعة من المتكلّمين كأبى علي الجبّائي في أحد قوليه ، وأبى الحسين البصري ، وفخر الدين الرازى ، وعن التحصيل إلى أكثر الفقهاء والمتكلّمين ، وعن التمهيد عن أكثر المحقّقين ، وحكى بعض الأفاضل حكاية القول به عن كثير من العامّة والخاصّة منهم الشيخ والفاضلان والشهيدان وكثير من المتأخّرين والشافعي في إحدى النسبتين إليه وأبو الحسين البصري والحاجبي والعضدي والرازي والغزالي في إحدى الحكايتين عنه وغيرهم ، وعن الشيخ إلى جلّ الفقهاء ، وذهب إليه العلاّمة في التهذيب ، وقال في النهاية : والوجه عندي أنّها من حيث اللغة موضوعة للطلب مطلقا ومن حيث الشرع للوجوب ، واختاره جماعة من أعاظم المتأخّرين.
* حكاه في النهاية والمنية عن جماعة من المتكلّمين والفقهاء ، وفي النهاية : وهو منقول عن الشافعي أيضا ونقله قوم عن أبي هاشم.
** ويعبّر عنه بترجيح الفعل مطلقا ، إليه ذهب العميدي واختاره صاحب الهداية ووافقه أخوه في الفصول ، إلاّ أنّهما جعلاه منصرفا إلى الوجوب ، وفي الهداية : وكأنّه لانصراف المطلق إلى فرده الكامل ، وعزاه أيضا إلى جماعة من العامّة منهم الجويني والخطيب القزويني وبعض الحنفيّة على ما حكي عنهم ، وحكاه عن صاحب الوافية أيضا مع ذهابه إلى حمل الأوامر الشرعيّة كتابا وسنّة على الوجوب لا لدلالة الصيغة بل لقيام قرائن عامّة شرعا.
ثمّ إنّ المعروف فيما بينهم كون الطلب عبارة عن الجامع بين الوجوب والندب على ما صرّح به النهاية والمنية ، ولكن في المنية ـ عند تعداد معاني الصيغة ـ جعله شاملا للإرشاد أيضا ، حيث قال : وهذه الثلاثة ـ يعني بها الوجوب والندب والإرشاد ـ مشتركة في طلب تحصيل المصلحة إلاّ أنّ المصلحة في الأوّلين اخرويّة وفي الثالث دنيويّة كما في قوله تعالى : ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ )(١) تعليلا : بأنّ الثواب لا يزيد ولا ينقص بالإشهاد ولا بعدمه ، ولكنّه لم ينقله قولا في المسألة.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.