جملة أفراد الامتناع بالاختيار ولقد تقدّم حكمه في جميع صوره وأفراده.
ثمّ إنّ الفرق الّذي ذكره الفاضلان المذكوران بالنسبة إلى المسألة المبحوث عنها بين قسمي الواجب ضابطه الكلّي الّذي يستعلم به كون الواجب من أيّ القسمين ، هو أن يراجع أوّلا إلى الأوامر الواردة فيه والأدلّة الآمرة به ، فإن ظهر منها كون الوقت قيدا للطلب أو المطلوب أخذ به ورتّب عليه الثمرة وجودا وعدما ، وإلاّ فلو حصل الاشتباه والدوران يراجع إلى القاعدة المتقدّم إليها الإشارة في مباحث الواجب المطلق والمقيّد ، فيحكم بالإطلاق وكون الوقت قيدا للواجب ظرفا لوقوعه إن ثبت وجوبه من الأدلّة اللفظيّة ، وإلاّ فيؤخذ بمقتضى الاصول العمليّة إن ثبت الوجوب من الأدلّة اللبّية.
هذا كلّه إذا لم يظهر من الشارع إيجاب تقديم المقدّمات على زمان أداء ذيها أو المنع عنه ، وإلاّ فعلى الأوّل يستكشف عن كونه معلّقا كما في صيام نهار رمضان بالنسبة إلى الاغتسال ليلا ، وعلى الثاني يستكشف عن كونه مشروطا كما في الصلوات اليوميّة بالقياس إلى تحصيل الطهارة مثلا.
الأمر الخامس
في مقدّمة الحرام
والنظر تارة فيما يكون مقدّمة لترك الحرام فهل هي واجبة نظرا إلى وجوب ترك الحرام أو لا؟
واخرى فيما يكون مقدّمة لفعل الحرام فهل هي محرّمة نظرا إلى حرمة الفعل أو لا؟ فها هنا مقامان :
المقام الأوّل : والظاهر أنّه لا خلاف بين القائلين بوجوب مقدّمة الواجب في وجوب مقدّمة ترك الحرام ، وإن اختصّ عناوينهم وتمثيلاتهم المذكورة بما يكون الواجب من مقولة الأفعال ، للقطع بعدم إرادتهم الاختصاص مع جريان أدلّتهم الناهضة حرفا بحرف ، بل هو ممّا يجري فيه الوجوه الّتي اعتمدنا عليها ممّا تقدّم ، كيف وأنّ القوّة العاقلة قاضية بأنّ من أوجب ترك شيء وطلبه حتما ليس له تجويز ترك مقدّمته الّتي لا طريق إليه سواها وإلاّ لأدّى إلى التناقض ، وأنّها بحيث ليس من شأنها إلاّ أن يلزم بها ويريدها حتما.
وهذا ممّا لا إشكال فيه ولا حاجة له إلى تجشّم الاستدلال والإطناب في المقال بعد