ليجني بها على الغير من غير حقّ ونحو ذلك ، ممّا لا يحصى ، أو سببا كالتدرّج من درجات السلّم المنصوب في المثال المذكور ونحو ذلك ، ودليله واضح من حيث الجزم بأنّ من يبغض أصل المحرّم ولا يرضى بفعله (١).
...................................................................
ممّا سبق أيضا فإنّ المتلازمين لا يعقل بينهما توقّف بل هما يتوقّفان معا على ثالث هو علّة لهما ، فيرجع الاستدلال إلى كونه من باب الاستدلال على أحد المتلازمين بالمتلازم الآخر الكاشف عنه باعتبار كشفه عمّا هو علّة لهما من دون أن يكون فيه شائبة دور.
وأمّا ما ذكره بعض الأفاضل ، ففيه : منع كون توهّم الاختصاص ناشئا عمّا ذكره لجواز كونه ناشئا عمّا أشرنا إليه من الامور.
ولو سلّم فلا يستقيم بعض ما ذكره اعتراضا على دعوى الاختصاص ، لأنّ الترتيب الّذي اعتبره في المضيّقين إن أراد به ما يحصل في الخطاب بهما بأن يتقدّم أحد الخطابين على الآخر فممّا لا يدفع المحذور ، لأنّ مبناه على لزوم التكليف بما لا يطاق الممتنع من الحكيم على الإطلاق ، وهو لا ينوط بورود الخطابين متقارنين للزوم المحذور أيضا عند ورودهما متعاقبين ، ولو أراد به ما يكون قيدا في المكلّف به بأن يكون المقصود بالخطاب تحصيل الامتثال بأحد المتضادّين عقيب الامتثال بالآخر فهو خروج عن موضع البحث بالمرّة ، لأنّ فرض الكلام فيما لو حصل بين القيدين تعاند وليس بينهما في الصورة المفروضة ، إذ المفروض وقوع كلّ في زمان لا يزاحمه الآخر بل يكون إطلاق الضدّين عليهما حينئذ خروجا عن الاصطلاح.
ثمّ اعلم : أنّه لو ورد أمران موسّعان ـ بناء على دخولهما في موضع الخلاف ـ وقلنا باقتضاء الأمر للنهي عن الضدّ مع ملاحظة ما قدّمنا ذكره من تعلّق النهي حينئذ بالقدر المشترك بين الأفراد التقديريّة كالأمر يرجع مفاد كلّ منهما إلى أن يكون الآمر قد قال في
__________________
(١) ومن المؤسف عليه ضياع أوراق هاهنا من نسخة الأصل طيلة الأيّام ، التي كانت تشتمل على قليل من أواخر مبحث المقدّمة وقليل من أوائل مبحث الضدّ ، ونحن مع كثرة فحصنا عنها لم نعثر عليها ، ولعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرا.
وسيأتي بعد ذلك مسألة الضدّ بقوله : « ممّا سبق أيضا » الخ.
ولا يخفى أنّه قدسسره شرع في الجزء الثالث من التعليقة ـ حسب تجزئته ـ من أوّل مسألة الضدّ كما يظهر ذلك ممّا أورده في ص ٦١٨ بقوله : « ... للأصل الّذي قررّناه في ذيل بحث الفور من الجزء الثاني من الكتاب ، ومن أراد الاطّلاع فليرجع إليه ».