يستند إليه ترك الآخر ، بل يستند إلى ترك إرادته لأنّه مقدّم على الفعل المؤخّر عن إرادته ، فيكون ذلك الفعل من المقارنات الاتّفاقيّة فلا دور ، إذ لا توقّف في جانب الفعل بل التوقّف منحصر في جانب الترك لأنّه الّذي يتوقّف عليه الترك.
وما يقال : من أنّ كثيرا مّا لا يترك الضدّ إلاّ بفعل الضدّ ، كما في الشابّ العزب الحاضر عند امرأة أجنبيّة جميلة الغير المريد للزنا معها ، العالم بأنّه لو استمرّ بقاؤه عندها لحدث منه إرادة الزنا فيقع فيه بحيث لا مدفع له عن ذلك إلاّ الخروج عن محضرها ، فيكون ذلك الخروج واجبا عليه لئلاّ يقع في المحرّم وظاهر أنّ الخروج ضدّ وجوديّ للزنا ومقدّمة لتركه.
يدفعه : منع كون الفعل مقدّمة للترك حتّى في ذلك الفرض ، بل المقدّمة فيه أيضا عدم الإرادة ، والفعل المفروض مقدّمة لعدم الإرادة واستمرار بقائه ، فيكون مقدّمة للمقدّمة.
وتوهّم بقاء الدور بحاله بتقرير : أنّ ذلك الفعل لا يمكن صدوره إلاّ بعدم إرادة الزنا فيكون موقوفا على عدم الإرادة ، وإذا فرضته مقدّمة لعدم الإرادة يكون ممّا يتوقّف عليه عدم الإرادة وهو الدور.
مدفوع : بأنّ مقدّمة ترك الزنا وإن كان عدم الإرادة ، ولكن لا ما هو متحقّق الآن بل الّذي سيتحقّق في الزمان اللاحق.
والّذي هو متحقّق الآن مقدّمة للفعل المفروض ، وهو مقدّمة لما يتحقّق في الزمان اللاحق وهو مقدّمة لترك الزنا ، فلا دور.
وفيه أوّلا : النقض بعدم الإرادة الّذي اخذ مقدّمة للترك ، فإنّ الفعلين كما أنّهما متضادّان فيكونان متمانعين فيكون ترك كلّ مقدّمة لفعل الآخر فكذلك إرادتهما ، فإنّ إرادة كلّ ضدّ تضادّ إرادة الآخر فيكون كلّ مانعة عن الاخرى ، وعدم المانع مقدّمة فعدم كلّ إرادة مقدّمة لوجود الاخرى ، وهو لكونه مانعا عن وجود الاولى فيكون مقدّمة لعدمها وهو دور.
وثانيا : أنّ قضيّة التمانع بين الأضداد ـ الّذي بنى عليه المذهب ـ عدم إمكان التفصّي عن الدور ، ضرورة أنّ أحد الضدّين إذا كان وجوده مانعا عن وجود الآخر يكون وجوده علّة لعدم الآخر على ما هو من لوازم المانعيّة ، والمفروض أنّ عدم الآخر أيضا من مقدّمات وجوده ، فيكون كلّ من الوجود في جانب الضدّ الموجود والعدم في جانب الضدّ المعدوم موقوفا وموقوفا عليه وذلك دور ، إلاّ أنّ التوقّف في جانب العدم من باب الشرطيّة وفي جانب الوجود من باب العلّيّة ، ولكنّه لا يوجب اندفاع الدور ، لأنّ مبناه على التوقّف في كلا