الجانبين وهو حاصل في كلّ من الأمرين ، ولا مدفع له إلاّ نفي التمانع.
سلّمنا أنّ الترك قد يستند إلى عدم الإرادة ، ولكن لا يدفع المحذور بحذافيره لعدم انحصار فرضه في الفعل والترك الاختياريّين اللذين يلزمهما القصد والإرادة ، لعدم انحصار الضدّ في الفعل الاختياري ، فنفرض الكلام في الضدّ الاضطراري كما لو اكره عليه ونحوه ، كالصلاة إذا اكره عليها فصدرت اضطرارا فإنّها مانعة من الإزالة قطعا ، فترك الإزالة حينئذ مستند إليها لا إلى عدم إرادتها لعدم صدور الصلاة عن قصد وإرادة حتّى يكون منافيا لقصد الإزالة وإرادتها.
ولو سلّم أنّ الصلاة لا تتوقّف حينئذ على تركها ليلزم الدور بل إنّما تتوقّف على ما طرأها من الإكراه لأنّه علّة ، فنفرض الكلام في الضدّين اللذين ليسا من مقولة الأفعال حتّى يجري فيها الإرادة والإكراه كالسواد والبياض ، فإنّ السواد إذا كان مانعا عن وجود البياض يكون علّة لعدم البياض وإذا فرضنا عدم البياض شرطا لوجود السواد فيلزم الدور ، فلابدّ من المصير إلى عدم التمانع مطلقا [ أ ] وتخصيصه بما عدا الأحوال ، والثاني تحكّم فتعيّن الأوّل.
فإن قلت : هاهنا شقّ ثالث يندفع به الدور وهو المصير إلى ما اختاره المحقّق الخوانساري من كون الشرط ارتفاع الضدّ الموجود لا عدم الضدّ المعدوم فلا يلزم الدور ويثبت به حقّيّة هذا المذهب.
وتوضيح ذلك : أنّ الضدّين لابدّ لوجود كلّ واحد منهما من محلّ قابل ومن المعلوم أنّ قابليّة المحلّ لابدّ وأن تكون فعليّة ، فإذا فرض أحد الضدّين موجودا في محلّ خرج ذلك المحلّ عن كونه قابلا لوجود الضدّ الآخر لكونه مشغولا بالضدّ الموجود ، ومع اشتغاله به يستحيل كونه قابلا لوجود الضدّ الآخر ، فعدم ذلك الضدّ مستند إلى عدم قابليّة المحلّ وهو مستند إلى كون الضدّ الموجود فيه شاغلا له ، فوجود ذلك الضدّ المعدوم موقوف على قابليّة المحلّ وهي موقوفة على ارتفاع الضدّ الموجود في ذلك المحلّ فهو موجود على ذلك الارتفاع ، وأمّا وجود ذلك الضدّ الموجود فلا يتوقّف على عدم الضدّ المعدوم بل يتوقّف على قابليّة المحلّ والمفروض حصولها ، وهي أيضا لا تتوقّف على عدم ذلك الضدّ بل على الارتفاع وهو فرع الوجود وهو مفروض الانتفاء.
قلت : لا يفيد هذا الكلام إلاّ تطويلا بلا طائل ، فإنّ الضدّ بناء على التمانع كما أنّها مانع في حدوثه فكذلك مانع في بقائه ، بمعنى أنّ المانعيّة وصف لوجود الضدّ وهو أعمّ من