أصل
الحقّ أنّ الأمر بالشيء على وجه الإيجاب لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ لفظا ولا معنى.
وأمّا العامّ * ؛ فقد يطلق ويراد به أحد الأضداد الوجوديّة لا بعينه ، وهو
__________________
في وجود المأمور به كالكون على السطح بعد حصول الصارف أو عدم الداعي ، بل المانع وعدم الشرط في تلك الحال من المقارنات من دون تأثير لهما في العدم وهو في الشرط خلاف ما اتّفقوا إليه.
وبالجملة أقصى ما هناك عدم الشعور لا عدم التوقّف وهو حاصل في المقدّمات البعيدة ولا يضرّ لتوقّف وجود الشيء على وجود شرطه ورفع موانعه قريبا أو بعيدا في الواقع وإن لم يستشعر به.
وبالجملة يجد العقل ترتّبا بين وجود الضدّ وعدم الضدّ الآخر بلا مرية ، إلى آخره.
وأنت بالتأمّل فيما تقدّم تعرف ما في كلّ فقرة من هذا الكلام من وجوه الفساد ولا نطيل الكلام بتوضيحها ، هذا تمام الكلام في منع مقدّمية الترك للفعل ومنه يظهر منع مقدّمية الفعل للترك أيضا ، وأمّا دفع شبهة الكعبي مفصّلا فقد أوردنا بعض الكلام فيه في موضعين في بحث المقدّمة ولعلّنا نتكلّم معه أيضا في الجملة عند شرح عبارة المصنّف فيما بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
* واعلم أنّ « الضدّ » لغة المبائن ، وفي المجمع : ضادّه مضادّة إذا بائنه مخالف ، ومنه ، لا مضادّ له في ملكه ، والمتضادّان اللذان لا يجتمعان كالليل والنهار وفي اصطلاح أهل المعقول الضدّ الأمر الوجودي المقابل لمثله الّذي لا يجتمع معه بحسب الوجود الخارجي في محلّ واحد كالسواد والبياض في الصفات والقعود والقيام في الأفعال.
وأمّا في لسان الأصوليّين فيحتمل انطباقه على الأوّل فيخرج قيدي « الخاصّ » و « العامّ » حيثما يقيّد بهما مخرج القيود الاحترازيّة القاضية بكون اللفظ مرادا به معناه الحقيقي القدر المشترك بين القسمين ، كما يحتمل انطباقه على الثاني فيكون قيد « الخاصّ » من باب القرائن المؤكّدة وقيد « العامّ » من باب القرائن الصارفة على أحد الوجهين الآتيين.
وأمّا على الوجه الآخر فمن باب القرائن المؤكّدة أيضا على المشهور ، وإن كان مناقشة