وعندي في هذا نظر ؛ لأنّ النزاع ليس بمنحصر في إثبات الاقتضاء ونفيه * ، ليرتفع في الضدّ العامّ باعتبار استلزام نفي الاقتضاء فيه خروج الواجب عن كونه واجبا ، بل الخلاف واقع على القول بالاقتضاء في أنّه هل هو عينه أو مستلزمه كما ستسمعه. وهذا النزاع ليس ببعيد عن الضدّ العامّ ، بل هو إليه أقرب.
ثمّ إنّ محصّل الخلاف هنا ** : أنّه ذهب قوم إلى أنّ الأمر بالشيء عين
__________________
مفاهيمها في ضمن كلّ واحد من أفعال الخصوص ، فلذا يصير قولك : « ضرب » أو « قعد » أو « قام » في معنى أن يقال : « وجد » أو « ثبت » أو « حصل الضرب » أو « القعود » أو « النوم ».
* ولا يخفى أنّ الاعتراض على دعوى نفي الخلاف في الضدّ العامّ باعتبار الاقتضاء وعدمه إن كان ولابدّ فكان الأولى منعها بدعوى وقوعه في أصل الاقتضاء أيضا بالنسبة إلى الضدّ العامّ كوقوعه فيه بالنسبة إلى الخاصّ ، كما حكي القول بنفي الاقتضاء عن الأشاعرة تعليلا بجواز الأمر بما لا يطاق فلا استبعاد في أن يأمر الشارع بالوجود والعدم.
وعن السيّد استنادا إلى أنّ الآمر قد يكون غافلا فلا يتحقّق منه النهي عن الترك.
ونقل المحقّق السلطان حكاية هذا القول عنه وعن الغزالي وإمام الحرمين وأمثالهم ، مع أنّ معقد البحث وظاهر العنوانات والمصرّح به في كلام غير واحد كون الخلاف في أصل الاقتضاء ، كيف وصرفه إلى كيفيّته خاصّة يوجب خروجه عن وظيفة الاصولي الباحث عن القواعد الكلّية لأجل الاستنباط ، إذ كون الدلالة بطريق العينيّة أو التضمّن أو الالتزام لا يترتّب عليه فرع فقهي أصلا كما تنبّه عليه بعض الأعاظم وفاقا للمحقّق المذكور.
وإن كان النزاع في أصل الدلالة أيضا لا يتفرّع عليه ثمرة ، فإنّ وجوب أصل الفعل مسلّم عند الفريقين والنهي عن تركه على القول به لا يزيد عليه شيئا.
وما ذكره بعض الأعاظم ـ من أنّه يثمر في التعليقيّات كحنث من حلف أن لا ينهى زيدا فأمره بشيء ، وظهار زوجة من علّقه على مخالفة نهيه فأمرها بالقيام فقعدت ، فإنّهما يحصلان على القول باقتضاء الأمر النهي عن الضدّ العامّ بخلافه على القول الآخر ـ ليس بسديد ، لما ستعرفه فيما بعد ذلك إن شاء الله.
** واعلم أنّ لهم في أصل الاقتضاء نفيا وإثباتا وكيفيّته في كلّ من قسمي الضدّ