امتثال ، بل يلزم المحذور الّذي ذكرته في أوّل الإشكالين من خروج الخطاب به لغوا وهو محال من الحكيم.
قلت : إنّما يلزم ذلك لو تعلّق الخطاب به صريحا على نحو التفصيل والمفروض ليس كذلك ، لتعلّق الخطاب به ضمنا من جهة كونه من جملة أفراد ما تعلّق به صريحا.
وقد ذكرنا أنّه في حدّ ذاته مع قطع النظر عن معارضه كان ممكنا ومقدورا للمكلّف ولا يلزم خروج الخطاب بلا فائدة ، لحصول الامتثال الّذي هو مقصود بالأصالة من الخطاب في ضمن غير هذا الفرد من أفراد متعلّقه ، ووقوع مثل ذلك غير عزيز في خطابات الحكماء ، ولا أنّه ينافي الحكمة ومقتضى العقل كما يرشد إليه التدبّر وقليل التأمّل.
فتبيّن من جميع ما ذكر : أنّ التخيير الّذي بنينا عليه في المضيّقين يختلف في المعنى بحسب اختلاف موارده من حيث تعلّق الأمر بها صريحا أو ضمنا ، فما عليه الأعلام أيضا إن كان هذا المعنى مع اختلافه فمرحبا بالوفاق وإلاّ لكان للإيراد عليهم مجال واسع.
الثاني :
في النظر في أنّ المسألة هل يجري فيها أصل يوافق بعض أقوالها أو لا؟ وظاهر أنّ الأصل لا يجري فيها ولا يجري في نظائرها ، أو لا يظهر له فائدة على فرض الجريان إلاّ إذا لم يكن هنا [ دليل ] اجتهادي رافع للشكّ الّذي هو موضوعه أو أحد أركانه ، والمفروض أنّه قلّما يتّفق مسألة لم يوجد فيها [ دليل ] اجتهادي موافق لأحد أقوالها ، فلابدّ للناظر فيه المتمكّن عن الدليل الاجتهادي من أن يقطع النظر عن كلّ دليل اجتهادي ويفرض المسألة مشكوكا في حكمها ونفسه شاكّا فاقدا للدليل ، فحينئذ يتمكّن عن إجراء كلّ أصل ينوط اعتباره بالشكّ من جهة كونه موضوعا له كأصل البراءة ، أو ركنا من أركانه كالاستصحاب وأصالة عدم التخصيص أو التقييد.
ولا ريب أنّ الكلّ جار على الفرض المذكور في تلك المسألة وموافق للقول بنفي اقتضاء النهي ولكن بالنسبة إلى الضدّ الخاصّ خاصّة.
أمّا الأوّل : فلأنّ النهي المتضمّن لطلب ترك الضدّ على تقديره موجب لاشتغال الذمّة بالترك ، وهو موضع شكّ فأصل البراءة ينفيه ، لكون مفاده خلوّ الذمّة عن كلّ أمر وجوديّ أو عدميّ الزم به.
وأمّا الثاني : فلأنّ الطلب كائنا ما كان أمر حادث مسبوق بالعدم الأزلي ، ومن خواصّه