لكلّ فعل للمكلّف مندرج في عنوان « الضدّ » الّذي هو بمفهومه الكلّي موضوع لتلك المسألة ، ولكن القوم لم يتعرّضوا لذكر ذلك إلاّ قليل منهم كبعض الأعاظم حيث أشار إليه في جملة من كلامه بقوله : « نعم يختلف الحكم في الأضداد بين أن يكون من العبادات والمعاملات وغيرهما من وجه آخر ، وهو أنّه إن كان من الأوّلين يترتّب عليهما أو على أحدهما ـ على الخلاف ـ حكم الفساد على القول به ، ولكن يشترك الكلّ في الاتّصاف بالحرمة » انتهى.
نعم ذكروا في المقام امورا اخر وهي على ما يتحصّل من عباراتهم المتفرّقة مندرجة في ثلاثة أصناف :
أوّلها : التعليقيّات كالنذور والأيمان والظهار ، فلو حلف أن لا ينهى زيدا عن شيء فأمره بشيء ، أو علّق ظهار زوجته على مخالفة نهيه فأمرها بالقيام فقعدت ، فعلى القول باقتضاء النهي يلزم الحنث ويقع الظهار دون القول بعدم الاقتضاء ، ولو نذر إعطاء درهم لزيد إن لم يفعل حراما فأتى بضدّ المأمور به كالصلاة في موضع الإزالة مثلا ، ومثله ما لو نذر إعطاء الدرهم لمن لم يفعل محرّما فأعطاه لمن أتى بضدّ المأمور به ، فعلى القول الأوّل لا يجب الوفاء في الفرض الأوّل ولا يحصل البراءة في الفرض الثاني بخلاف القول الآخر.
ومثله لو علّق النذر بإعطاء الدرهم على صدور محرّم منه أو علّق ظهار زوجته على صدور محرّم منه أو منها فصلّى أو صلّت عند الأمر بالإزالة ، فعلى القول الأوّل يجب ويقع دون القول الآخر.
ومثله لو علّق النذر على فعل واجب لفاعله فصلّى أحد في سعة الوقت في موضع الإزالة المأمور بها ، فعلى القول باقتضاء النهي أو اقتضاء عدم الأمر لم يكن ذلك بالواجب فلا يبرأ بإعطائه بخلاف القول الآخر.
وثانيها : الأسباب الشرعيّة الموجبة للملك والاستحقاق كالأقارير والوصايا والأوقاف ، فلو أقرّ لمن يأتي بمحرّم ، أو أوصى لمن لا يأتي بمحرّم ، أو وقف على من لا يأتي بمحرّم ، فعلى القول باقتضاء النهي يثبت الإقرار لمن أتى بضدّ المأمور به ولا يندرج ذلك في الموصى له ولا الموقوف عليه دون القول الآخر.
وثالثها : الأحكام الوضعيّة كالصحّة والفساد ، فعلى القول الأوّل يبطل العبادات المأمور بأضدادها كالصلاة عند الأمر بردّ الوديعة وإزالة النجاسة ، والحجّ حال مطالبة الزوجة بالمهر مع الإيسار.