لنا على عدم الاقتضاء في الخاصّ لفظا : أنّه لو دلّ لكانت واحدة من الثلاث ، وكلّها منتفية *.
__________________
للفساد ، ولا ملازمة بينه وبين استحقاق العقاب حتّى يلزم من انتفائه انتفاؤه.
وبالجملة لا مجال إلى إنكار كون فساد الضدّ متفرّعا على نهيه إن كان من العبادات على القول بدلالة النهي فيها على الفساد كما هو الراجح في النظر ، بل ربّما ينفى الإشكال عنه ، بل يقال : بظهور عدم كونه محلاّ للخلاف بين العلماء.
فالمسألة إجماعيّة على طريقة الإجماع المركّب ، فكلّ من قال بدلالة الأمر بالشيء على النهي عن الضدّ قال بفساد الضدّ ، وكلّ من لم يقل بفساده لم يقل بالدلالة على النهي ، فلذا ترى أنّ بعض الفقهاء حيث منع عن فساد الضدّ منعه باعتبار إنكار الصغرى وهي الدلالة على النهي وإلاّ فالكبرى مسلّمة عند الكلّ ، بل هو ممّا عزي إلى قاطبة القدماء من الفقهاء ، حيث إنّ في المعتبر نسبه إلى المشايخ الثلاثة الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيّد المرتضى وأتباعهم مثل السلاّر وابن زهرة والحلبي والحلّي وغيرهم إلى يحيى بن سعيد ، فإنّهم في مسألة المضايقة والمواسعة أطبقوا على بطلان الحاضرة في أوّل الوقت ممّن عليه قضاء الفائتة استنادا إلى فوريّة أوامر القضاء بل الأخبار الّتي تمسّكوا بها عليه صريحة في كونه لأجل تضيّق الفائتة فيجب تقديمها على الحاضرة.
ومن هنا ترى أنّ القائلين بعدم البطلان يمنعون عن فوريّة الأوامر تعليلا بأنّه لو صحّ ذلك للزم حرمة اكثر المباحات ، واللازم باطل بالضرورة الواضحة والسيرة القاطعة ، فإنّه كما ترى صريح في مسالمة الملازمة لاختصاص منعهم بالاستناد إلى منع اللازم ، بل كثيرا مّا ترى عن بعضهم ما وقع من دعوى الإجماع على ذلك كابن إدريس في مسألة بطلان الصلاة أوّل الوقت ممّن عليه دين مع مطالبة الغريم أو خمس أو زكاة ، فحكم بالبطلان مستدلاّ بأنّ كلّ شيء يمنع عن الواجب المضيّق فهو قبيح.
والحاصل لم نجد من العلماء من قال بالنهي فيما نحن فيه وهو قائل بعدم الفساد عدا الشيخ في كشف الغطاء. انتهى.
* احتجاج على نفي الدلالة اللفظيّة ردّا على من يزعمها ومعلوم أنّها غير خالية عن الأقسام الثلاث المذكورة.