والثاني : أنّ فعل الضدّ الخاصّ مستلزم لترك المأمور به ، وهو محرّم قطعا ؛ فيحرم الضدّ أيضا ؛ لأنّ مستلزم المحرّم محرّم *.
والجواب : إن أردتم بالاستلزام : الاقتضاء والعلّيّة ، منعنا المقدّمة الاولى ، وإن أردتم به مجرّد عدم الانفكاك في الوجود الخارجيّ على سبيل التجوّز ، منعنا الأخيرة.
وتنقيح المبحث : أنّ الملزوم إذا كان علّة للازم لم يبعد كون تحريم اللازم مقتضيا لتحريم الملزوم ** ، لنحو ما ذكر في توجيه اقتضاء إيجاب المسبّب
__________________
اشتغاله بفعل الضدّ ، ولا يخفى ما في الجميع من الوهن.
وقد تقدّم توهين ما قبل الأخيرين في بحث المقدّمة بما لا مزيد عليه.
وأمّا الأخيران فيشير إليهما المصنّف فيما بعد ذلك ، وسنقرّر ما يرد عليهما إن شاء الله.
* هذا الوجه مع سابقه يمكن كونهما من فريقين : قائل أحدهما بمقدّميّة ترك الضدّ ، والآخر بمنع مقدّميّته ، فأقام كلّ دليلا على اقتضاء النهي على وفق مذهبه ، كما يمكن أن يكون كلاهما من فريق واحد قائل بالمقدّميّة أو بعدمها فجمع بينهما على سبيل التنزيل والمماشاة إلزاما لخصمه في الكبرى الموافق له في الصغرى ، فالمراد « بالاستلزام » في تقرير الوجه الثاني حينئذ إنّما هو مجرّد المقارنة في الوجود الخارجي مع إلغاء جهة المقدّميّة الملزومة للتوقّف ، إمّا لكون المتمسّك به ممّن لا يقول بها أو لكونه إلزاما لمن لا يزعمها في منع النهي عن الضدّ ، وكائنا ما كان فما في جواب المصنّف من الترديد بين الاحتمالين بقوله : « إن أردتم بالاستلزام الاقتضاء والعلّيّة منعنا المقدّمة الاولى ، وإن أردتم به مجرّد عدم الانفكاك في الوجود الخارجي على سبيل التجوّز منعنا الأخيرة » ليس في محلّه وكأنّه اشتبه عليه حقيقة الحال.
وأمّا قوله : « على سبيل التجوّز » فغير واضح الوجه على تقدير كون المراد بالاستلزام استحالة الانفكاك ، كيف وأنّ اللازم عندهم عبارة عمّا امتنع انفكاكه وكأنّه غفل عن هذا المعنى فذكر احتمال مجرّد عدم الانفكاك وكونه على سبيل التجوّز حينئذ بالنظر إلى الاصطلاح كما ذكره.
** ولمّا كان بناء الاحتجاج المذكور على توهّم امتناع اختلاف المتلازمين في الحكم