وهي مسألة خلافيّة فيما بينهم فرام تنقيحها وتحقيق الحال فيها لابتناء جرح الاحتجاج وتعديله عليهما. ونحن بعد ما أبطلنا جميع طرقهم في اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضدّ الخاصّ إلاّ هذا الطريق فلا مناص لنا من النظر في حكم تلك المسألة ليثمر في قبول الاحتجاج أو ردّه ، فنقول : إنّ المحكيّ من أقوالها على ما في الضوابط ثلاثة :
الأوّل : عدم الجواز مطلقا منسوب إلى الكعبي.
والثاني : جوازه مطلقا ، وهو مقتضى إطلاق عبارة البهائي في حاشية الزبدة في دفع الاحتجاج حيث قال : ولا يلزم من وجوب الملزوم وجوب اللازم كتبريد الوجه حال غسله في الوضوء.
وصريح السيّد شارحها حيث قال ـ في جملة ردوده على الاحتجاج ـ : سلّمنا أنّ فعل الضدّ علّة لترك المأمور به ، لكن لزوم تحريم العلّة من تحريم المعلول غير مسلّم ، إذ لا استحالة بل لا استبعاد عقلا وشرعا في وجوب المعلول وحرمته من دون وجوب العلّة وحرمتها ، بمعنى ترتّب الثواب والعقاب على الفعل والترك كما حقّق في مقدّمة الواجب.
وأمّا الوجوب العقلي بمعنى اللابدّية فمسلّم إلاّ أنّه لا يجدي. انتهى.
فإنّ تجويز الاختلاف في العلّة والمعلول يقتضي تجويزه في غيرهما بطريق أولى ، بل هو صريح الشيرواني في جملة كلام له حكاه السيّد ، ويظهر ذلك من بعض الأعاظم أيضا.
والثالث : ما ذكره المصنّف من التفصيل ويستفاد عن بعض الأعلام أنّه يوافقه في العلّة والمعلول دون المعلولين لعلّة واحدة.
واختار في الضوابط تفصيلا آخر منوطا بإمكان الامتثال بهما وعدمه ، ففي أربعة من عشرة صور لا يجوز اختلاف المتلازمين في الحكم ، وهي ما لو كان أحدهما واجبا والآخر محرّما أو مكروها ، أو كان أحدهما مندوبا والآخر مكروها ، وفي ستّة اخر يجوز اختلافهما وهي ما لو كان أحدهما واجبا والآخر مندوبا أو مباحا ، أو كان أحدهما محرّما والآخر مكروها أو مباحا ، أو كان أحدهما مندوبا أو مكروها والآخر مباحا.
وهل المراد بالحكم الّذي اختلفوا في جواز اختلاف المتلازمين فيه وعدمه ما يكون أصليّا ناشئا عن الصفة الكامنة المقتضية للرجحان أو المرجوحيّة أو التساوي حتّى يرجع النزاع نفيا وإثباتا إلى اشتراط اشتراك المتلازمين في الصفات الواقعيّة الّتي يتبعها الحكم الشرعي؟
أو ما يكون عرضيّا نظير الوجوب العرضي الثابت في لوازم المأمور به حتّى يرجع