أو مندوبين على التقدير الأوّل ومكروهين على التقدير الثاني ، أو أحدهما مندوبا والآخر مباحا على أحد التقديرين ، أو أحدهما مكروها والآخر مباحا على التقدير الآخر.
نعم إباحة العلّة تلازم إباحتهما معا كما لا يخفى.
المقام الثالث : في المتلازمين لمجرّد عدم انفكاك كلّ من الآخر على جهة الدوام ، وحكمه باعتبار موضع المنافاة وموضع عدمها كما تقدّم نعلا بنعل ، فمع وجوب أحدهما لا يجوز تحريم الآخر أو كراهته ، كما أنّ مع تحريم أحدهما لا ينبغي وجوب الآخر وندبه ، وكذلك الندب مع الكراهة وهي مع الندب والإباحة ، والكراهة يجتمعان مع الحرمة ، والإباحة والندب يجتمعان مع الوجوب ، والإباحة تجتمع مع الندب والكراهة.
وأمّا صغرى هذا القياس فلا نجد له في أفعال المكلّفين مثالا سوى فعل ضدّ وترك ضدّ آخر في ضدّين لا ثالث لهما كاليقظة والنوم والحركة والسكون ، ولكنّه مبنيّ على عدم كونهما من باب معلولي علّة واحدة كما رجّحناه في ذيل بحث التمانع.
وبيان ذلك هنا إجمالا : أنّ كلّ فاعل مختار إذا عزم إيجاد فعل اختياري يختار من الأفعال ما يوافق غرضه ، فإذا كان له غرض يوافقه أحد الضدّين ويخالفه الآخر أو لا يوافقه فينشأ من موافقة الأوّل ومخالفة الثاني رجحان الأوّل ومرجوحيّة الثاني أو عدم رجحانه ، فينشأ منهما الاعتقاد برجحان الأوّل ومرجوحيّة الثاني أو الاعتقاد بعدم رجحانه أو عدم الاعتقاد برجحانه ، فينشأ منهما إرادة الأوّل بمعنى الميل النفساني إليه مع قطع النظر عن إيجاده في الخارج وعدم إرادة الثاني بهذا المعنى.
ثمّ إن كان الأوّل مقدورا له تحقّق تمام مقتضيه ، وهو المجموع المركّب من الامور المذكورة مع القدرة ، وهو مقارن لانتفاء المقتضي لوجود الثاني ، وكلاهما مستندان إلى ما فرض من الغرض الّذي هو أمر وجودي ، بمعنى أنّه علّة لوجود مقتضي وجود الأوّل وفقد مقتضي وجود الثاني ، ولمّا كان كلّ من العلّة والمعلول ليس من مقولة الأفعال ولا هو مقدور للمكلّف لتركّب المعلول عن أجزاء غير مقدورة كما عرفت ، فلا يتعلّق بهما حكم تكليفي بل التكليف يتعلّق بالضدّ الموجود الّذي هو المقتضى ، ولما كان المقتضي قد يصادف عدم شرط من شروط الاقتضاء وقد يصادف وجود مانع عن الاقتضاء فما ذكر من المقتضي بمجرّده لا يكفي في حصول المقتضى ، بل لابدّ معه من تحقّق شرط الاقتضاء وفقد مانعه ، وشرطه هنا إنّما هو إرادة اخرى غير ما ذكر وهي العزم الجازم المقارن للفعل