وجوب مقدّمته ، والإرادة ليست من شرائط التمكّن لأنّ عدمها لا يوجب ارتفاعه كما تبيّن إلاّ على مذهب الأشاعرة في جعلهم الإرادة من شرائط التكليف كالقدرة وهو فاسد جدّا.
وربّما يوجّه هذا الكلام من المصنّف وسابقه على وجه يقتضي باعتبار فعليّة الإيصال في وجوب المقدّمة على ما سبق إلى بعض الأوهام من كون الواجب من المقدّمة هو المقدّمة الموصلة دون ما من شأنه الإيصال.
فيقال في تقرير الوجه الأوّل : بأنّه مع وجود الصارف عن المأمور به وعدم الداعي إليه كما هو مفروض المقام لا يمكن التوصّل بالمقدّمة المفروضة إليه ، فلا تكون تلك المقدّمة على هذا الفرض موصلة فلا تكون واجبة ، وإمكان التوصّل لا يجدي في حصول فعليّة التوصل لأنّه أعمّ والعامّ لا يستلزم الخاصّ ، وهذا المعنى وإن كان خلاف ظاهر العبارتين إلاّ أنّه أوجه من المعنى السابق ، ولو كان مرادا منهما فيدفعه ما قرّرناه في بحث المقدّمة بما لا مزيد عليه فلا حاجة إلى الاعادة.
وبقي من أطراف المسألة الكلام مع البهائي في المقالة المعروفة عنه من أنّ الأمر بالشيء يستدعي عدم الأمر بضدّه ، وقد أشار إليه في زبدته بعد ما زيّف أدلّة المثبتين والنافين للنهي بقوله : « ولو أبدل النهي عن الضدّ الخاصّ بعدم الأمر به فيبطل لكان أقرب ، وربّما يعزى ذلك إلى السيّد في الرياض أيضا ».
وقد يعترض عليه : بأنّ ذلك إنّما يتمّ في العبادات وأمّا في المعاملات فلا يتمّ مطلقا كما في كلام بعض الأعلام ، وهو كما ترى في غير محلّه لأنّ المقصود بإبداء هذه المقالة هو بيان أنّ الفساد حيثما صحّ استناده إلى عدم الأمر وإلى النهي الكاشف عن عدم الأمر فهو في الحقيقة مستند إلى عدم الأمر فقط ، لقصور الأدلّة القاضية باستناده إلى النهي ، وإلاّ فهو معترف بأنّ مقالته لا تجري إلاّ في العبادات فلاحظ عبارته في الحاشية حيث قال : « لكن ثمرته لا تظهر إلاّ في العبادات » فهو في الحقيقة على ما يزعمه من النافين لاقتضاء النهي ، فلذا يظهر الثمرة بينه وبين المثبتين في التحريم في كلّ من العبادات والمعاملات.
نعم له ثمرة مشتركة بينه وبين المثبتين في خصوص العبادات.
نعم هي موضع إشكال من جهة اخرى ، وهي أنّه أحدثها بتخيّل أنّها بالنسبة إلى العبادات تغاير القولين بإثبات النهي ونفيه.
والّذي يعطيه النظر خلافه ، بل هو عند التحقيق راجع إمّا إلى القول بإثبات النهي