التساقط أو التوقّف ثمّ الرجوع إلى الأصل غير معقول ، ومرجع الجميع إلى أنّ قطعيّة سند الكتاب مع انتفاء التقيّة تمنع عن إدراج ما ذكر في بابي التراجيح والتعادل فتعيّن إطراح الخبر.
وإن كان مخالفته بحيث أمكن الجمع بينهما جمعا يساعد عليه متفاهم العرف ، كما في الخبر من قوله عليهالسلام : « ثمن العذرة سحت » (١) قبالا لقوله تعالى : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(٢) وما أشبه ذلك من أمثلة الخاصّ الخبري والعامّ الكتابي ، وما في معناهما من المقيّد والمطلق بناء على وجود تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، عملا بالنصوصيّة أو الأظهريّة اللتين هما من مرجّحات الدلالّة ، بل كلّ ما كان الخبر بحسب الدلالة من قبيل النصّ أو الأظهر والكتاب المقابل له من قبيل الظاهر ، فالخبر حينئذ بنصوصيّته أو أظهريّته ينهض بيانا لإرادة خلاف ظاهر الكتاب ، ويكون ذلك هو الحكم المشترك فيه المشافه وغير المشافه.
فبطل بذلك كلّه دعوى اختصاص الإجماع والضرورة الدالّين على المشاركة في التكاليف المستفادة من ظاهر الكتاب بغير صورة وجود الخبر الجامع لشرائط الحجّيّة ، لما عرفت من عموم المشاركة في جميع صور وجوده.
غاية الأمر كون ظهور الكتاب المعمول به في نحو الصورة الأخيرة من الصور الثلاث المذكورة لمخالفة الخبر هو الظهور الثانوي ، لانقلاب ظهوره الأوّلي إليه بواسطة نهوض الخبر بيانا.
تذنيب :
الظاهر أنّ حجّية الظواهر إنّما تكون بالنوع ، وقد يعبّر عنه بالظهور النوعي ، وقد يعبّر بالحجّيّة من باب الظنّ النوعي ، وقد يعبّر بكون مناط الحجّيّة هو الظهور العرفي.
والمراد بالجميع كون اللفظ بالنسبة إلى المعنى في نوع الاستعمالات بحيث يحمل عليه عرفا ، ولا يصرف عنه إلى غيره إلاّ بواسطة قرينة معتبرة في العرف ، ومن حكمه أن لا يعتبر في العمل به حصول الظنّ الفعلي بالمراد في شخص الاستعمال ، وأن لا يقدح فيه حصول الظنّ الغير المعتبر بخلافه ، ومرجعه إلى عدم كون الظنّ الفعلي بمقتضاه شرطا في حجّيّته ، ولا كون الظنّ الغير المعتبر بخلافه مانعا من حجّيّته.
وبالجملة : الظاهر حجّة بالنوع وعلى وجه الظهور العرفي ، سواء حصل الظنّ الفعلي
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٦ : ٣٧٢ / ١٠٨٠.
(٢) سورة البقرة : ٢٧٥.