المقصد الأوّل
في أحكام القطع
وفيه مطالب :
المطلب الأوّل
في حكم القطع المخالف للواقع الّذي يقال له : الجهل المركّب ، فنقول : إنّ القطع بمقتضى كونه انكشافا للواقع ، يقتضي ترتّب أحكام الواقع على متعلّقة على أنّه الواقع ، كما لو قطع بخمريّة الشيء فيحرم شربه ، وهذه الحرمة يجب موافقته ويحرم مخالفته ، ويستحقّ الثواب بموافقته والعقاب على مخالفته.
وهذه الأحكام في ترتّبها لا تحتاج إلى أزيد من الأدلّة المثبتة لها من العقل والنقل للخمر ، وهذا في القطع المطابق.
وأمّا الغير المطابق ما لم ينكشف خلافه فلا إشكال في حسن موافقته عقلا ، واستحقاق الفاعل بسببه المدح عند العقلاء لكونه انقيادا ، والانقياد حسن لكشفه عن حسن سريرة العبد وكونه مع مولاه في مقام الإطاعة ، كما لا إشكال في قبح مخالفته عقلا ، واستحقاق الفاعل بسببه الذمّ عند العقلاء لكونه تجرّيّا والتجرّي قبيح ، لكشفه عن خبث سريرة العبد وكونه مع مولاه في مقام العصيان.
وإنّما الإشكال في كون هذه المخالفة عصيانا أيضا بحيث يستحقّ العقاب عليه أولا؟
وقد اختلفوا فيه على أقوال ، فقيل : بكونه عصيانا كما يظهر المصير إليه من جماعة في الواجب الموسّع ، في مسألة ظانّ ضيق الوقت إذا أخّر ثم انكشف الخلاف حيث حكموا بأنّه يعصي بالتأخير.