بل هذا طريق مألوف في تعلّم جميع اللغات عربيّة وفارسيّة وتركيّة وغيرها ، بل نرى بحكم الضرورة والعيان أنّ مبنى المحاورة في جميع الألسنة واللغات إنّما هو على العلم بأوضاعها والقطع بموضوعاتها ، ولا يوجد أحد أنّه يزعم أنّه في بعض ألفاظ لسانه يعمل في المحاورة على العمل بالظنّ فيه ، فكيف يقال : إنّه لولا جواز العمل بقول اللغوي في الأوضاع لزم سدّ باب الإفادة والاستفادة لانسداد باب العلم في اللغات؟
وظنّي أنّ وضع هذه الحجّة خلط بين الظنون المعمولة في إحراز الدلالات لتشخيص المرادات ـ وهي الظواهر الّتي يغلب فيها الظنّ بالمرادات ، فلولا العمل بهذا الظنّ جائزا لزم سدّ باب الإفادة والاستفادة ـ والظنون المعمولة لإثبات الأوضاع ، والملازمة مسلّمة في الأوّل دون الثاني ، وهو محلّ الكلام دون الأوّل.
وإن أرادوا الثالث : فلانسداد باب العلم في الأحكام جهات كثيرة أقلّها عدم تيسّر العلم في أقلّ قليل من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة المتعلّقة بالأحكام ، لعدم معلوميّة حال العرف ، ولا اتّفاق العلم من قول أهل اللغة فيها.
وظاهر أنّ عدم حجّية الظنّ في هذا القليل من الألفاظ لا يستتبع محذورا في الأحكام ، لإمكان الاحتياط فيما يتعلّق بها ، ولو سلّم الاضطرار إلى العمل به تبعا للاضطرار إلى العمل بمطلق الظنّ في الأحكام نقول به ، ولكنّه خارج عن موضوع المسألة ، لأنّه ليس عملا بالظنّ في اللغات ، لأنّه لا يثبت به وضع ولا حقيقة ولا مجاز ولا انفهام عرفي ، بل هو عمل بالظنّ في بعض الأحكام الّذي سبب حصوله الظنّ في اللغات ، فليتدبّر.
وثانيها
أي الثاني ممّا ادّعي خروجه من الأصل :
الإجماع المنقول بخبر الواحد
فإنّ كثيرا ممّن يرى خبر الواحد حجّة من باب الظنّ الخاصّ يقول به أيضا في الإجماع المنقول ، فليس الغرض بيان حجّيّته من باب الظنّ المطلق ، لأنّا لو قلنا بالظنّ المطلق باعتبار دليل الانسداد اندرج فيه الإجماع المنقول أيضا ، فلا حاجة إلى تكلّف البحث عن حجّيّته بالخصوص.
كما أنّه ليس الغرض من حجّيّته من باب الظنّ الخاصّ بيان أنّه قام الدليل الخاصّ