وأمّا الثالثة : فلعدم حكم للعادة بموافقة قول الحجّة إلاّ على تقدير اتّصال سلسلة الاتّفاق بأعصار الأئمّة عليهمالسلام ، وتحقّقه في الإجماعات غير محرز ، إن لم نقل بمعلوميّة خلافه في الأكثر.
نعم إنّما يسلّم قضائها في الأكثر بوجود دليل معتبر للمجمعين لو عثرنا عليه لعملنا به ، ولكنّه لا يلازم مطابقة الواقع.
وأمّا الرابعة : فلأنّ غاية ما ثبت بالمقدّمات الظنّيّة الاجتهاديّة المنضمّة إلى الاتّفاق في محلّ وجودها ، إنّما هي الملازمة الظنّيّة وهي لا تزيد على الظنّ الاطمئناني بالحكم الواقعي.
ولا كلام لنا في الحجّيّة بهذا الاعتبار كما نبّهنا عليه سابقا.
ومع الغضّ عن ذلك كلّه نقول : بأنّ المخبر [ به ] في المقام لكونه اتّفاقا في النظريّات التوقيفيّة الناشئة عن الأدلّة الظنّيّة أو الأمارات التعبديّة ، فهو ليس بملزوم دائمي ولا غالبي للواقع أو قول الإمام ، الملازم له على تقدير كونه محقّقا ومعلوما لنا ، فكيف به على تقدير كونه منقولا ، وإن قلنا بحجّيّة نقل العدل بنوعه ، لأنّ حجّيّته بالنسبة إلى مطلوب المقام إنّما يثمر على تقدير ثبوت الملازمة الدائميّة بين المنقول المدّعى كونه كاشفا وبين المكشوف عنه. وينبغي ختم المسألة برسم امور :
الأمر الأوّل :
إنّ الإجماع المنقول إن قلنا بكونه نقلا للسنّة أو نقلا لملزوم السنّة ، هل يطابق الرواية المصطلحة في كونها حكاية لقول المعصوم أو فعله أو تقريره؟ أو أنّه حكاية للسنّة بالمعنى الأخصّ ، أعني قول المعصوم فقط؟
الظاهر أنّه يختلف على حسب اختلاف المذاهب في كيفيّة كاشفيّة الإجماع ، فعلى طريقة القدماء الّذين يعتبرون دخول شخص الإمام في المجمعين ، وقوله في أقوالهم ، كان نقل الإجماع حكاية لقول المعصوم خاصّة.
وعلى طريقة الشيخ كان حكاية لتقرير المعصوم ، لأنّ الإجماع على هذه الطريقة بانضمام دليل اللطف كاشف عن تقرير الإمام ، الكاشف عن رضاه بالمجمع عليه.
وعلى طريقة المتأخّرين كان حكاية للسنّة بالمعنى الأعمّ ، لأنّ الإجماع على هذه الطريقة باعتبار حكم العادة وغيره ، يكشف عن كون المجمع عليه مأخوذا عن رئيسهم الإمام ، وأخذ شيء من الإمام قد يستند إلى قوله ، وقد يستند إلى فعله ، وقد يستند إلى تقريره ، فيوافق الرواية المصطلحة في كونها أعمّ من حكاية قول المعصوم أو فعله أو تقريره.