وأمّا الأدلّة المقامة على حجّيّة [ مطلق ] الظنّ
الّذي منه ما يحصل بالخبر فأربعة :
أوّلها
أنّ مخالفة المجتهد لما ظنّه حكم الله من وجوب أو تحريم مظنّة للضرر ، ودفع الضرر المظنون واجب (١) ، أمّا الصغرى فيقرّر تارة : بأنّ ظنّ الوجوب يتضمّن ظنّ استحقاق العقاب على الترك ، كما أنّ ظنّ التحريم يتضمّن استحقاق العقاب على الفعل ، والعقاب ضرر.
واخرى : بأنّ ظنّ الوجوب يستلزم ظنّ مفسدة في الترك ، كما أنّ ظنّ التحريم يستلزم ظنّ مفسدة في الفعل ، والمفسدة ضرر.
والفرق بين التقريرين : أنّ العقاب على التقرير الأوّل ضرر اخروي والمفسدة على الثاني ضرر دنيوي ، وإنّما خصّ الوجوب والتحريم بالذكر ، لأنّ ظنّ سائر الأحكام كالاستحباب والكراهة والإباحة لا يتضمّن ضررا ، إذ المستحبّ ما جاز تركه بلا استحقاق عقاب على الترك ولا مفسدة فيه ، والمكروه ما جاز فعله بلا استحقاق عقاب على الفعل ولا مفسدة فيه ، والمباح ما جاز تركه وفعله على جهة سواء بلا استحقاق عقاب عليهما ولا مفسدة فيهما ، وأمّا المنقصة التي يتضمّنها الكراهة فهي دون المفسدة فلا تعدّ ضررا ، ولو سلّم فهو ضرر متسامح فيه ، وليس بناء العقلاء على الاحتراز منه.
وعن النهاية (٢) أنّه جعل كلاّ من الضررين دليلا مستقلاّ على المطلب ، وكيف كان فقد اجيب عنه بوجوه :
الأوّل : ما عن الحاجبي (٣) وتبعه غيره (٤) من منع الكبرى ، فإنّ دفع الضرر المظنون احتياط
__________________
(١) استدلّ به العلاّمة في النهاية : ٢٩٧ والمحقّق القمّي في القوانين ١ : ٤٤٧ وصاحب الفصول في الفصول : ٢٧٨ ومفاتيح الاصول : ٤٨٤ ـ ٤٨٥.
(٢) نهاية الوصول ( مخطوط ) : ٢٩٧.
(٣) شرح مختصر الاصول : ١٦٣ ، المتن للحاجبي والشرح للعضدي.
(٤) كالعضدي ( شارح المختصر ).