عدم إمكان العلم بها ، وظنّ الضرر في العدول من الطهارة المائيّة إلى الترابيّة ، وفي المرض المبيح لإفطار رمضان ، وفي سقوط وجوب الواجبات وإباحة المحرّمات وغير ذلك ، وكذلك البيّنة وقول ذي اليد ، ويد المسلم وسوقه ، وما أشبه ذلك لعدم كون الحجّيّة في هذه الظنون أو أسبابها من مقتضى دليل الانسداد ، بل حجّية كلّ إنّما هو لدليل خاصّ به فهي من الظنون الخاصّة.
والفرق بين الظنّ الثابت حجّيّته عموما لدليل الانسداد أو خصوصا لدليل خاصّ ، وبين غيره ممّا لم يثبت حجّيّته عموما ولا خصوصا ، أنّ العامل بالأوّل مع مخالفته الواقع معذور ، على معنى رفع العقاب الاخروي عنه ، وهو في عمله به مثاب ومأجور ، بخلاف الثاني فإنّ العامل به على تقدير المخالفة ليس بمعذور في دار الآخرة ، ولا أنّه مثاب ولا مأجور.
ومن هنا علم أنّ الموافقة الظنّيّة في الثاني إنّما تجزي مع الموافقة لا عند المخالفة ، بخلاف الأوّل فإنّ الامتثال الظنّي فيه يفيد الإجزاء مع الموافقة والمخالفة معا ، حيث لم ينكشف الخلاف في دار الدنيا ، بل لا يمكن إرجاع الظنّ في الامور الخارجيّة إلى الظنّ في الأحكام من باب الاستلزام ، لأنّ ذلك ظنّ بانطباق الجزئي الخارجي على الكلّي المعلوم أو المظنون بالظنّ المعتبر حكمه الشرعي ، فقياس الظنّ بالامور الخارجيّة على الظنّ في المسائل الاصوليّة واللغويّة في استلزامه الظنّ بالامتثال قياس مع الفارق ، لأنّ هذا ظنّ بالامتثال من جهة كونه ظنّا بنفس الحكم الشرعي فيندرج بذلك في دليل الانسداد ، وذلك ظنّ بالانطباق على الكلّي المعلوم أو المظنون حكمه فلا يندرج في دليل الانسداد ، لأنّه دليل يتوصّل به إلى تعيين الحكم ظنّا لا إلى تعيين موضوعه ، فحجّيّة الظنّ في تعيين الحكم المستلزم للمعذوريّة على تقدير المخالفة ، لا يستلزم حجّيّته المستلزمة للمعذوريّة على تقدير المخالفة بعدم الانطباق.
الأمر الرابع
في أنّ الظنّ في اصول الدين هل هو حجّة كما في الفروع أم لا؟
وليعلم أوّلا أنّ الفرق بين الاصول والفروع هو أنّ المطلوب بالذات في الفروع هو العمل ، والعلم وغيره ممّا يقوم مقامه يطلب على وجه الطريقيّة ومن باب المقدّمة ، فلا محيص فيها من العمل على طبق علم أو ظنّ أو أصل من الاصول ، فلا معنى للوقف فيها على حال ، بخلاف الاصول الّتي لا يطلب فيها بالذات إلاّ الاعتقاد والتديّن بالمعتقد من غير