جامع بين الأفعال والتروك والأقوال والاعتقادات.
وبما قرّرناه يتبيّن : أنّ التقرير الّذي يتمسّك به لكونه حجّة ، ينضبط بكون مورده مورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الجاهل ، فإنّ الكلّ واجب عليه ، وعصمته دليل على أنّه لا يخلّ بالواجب من غير عذر.
والأولى أن يقال : إنّ تقرير المعصوم حجّة في كلّ مورد يجب عليه الردع عن الباطل ، وقضيّته أن يشترط حجّيّته بشروط وجوب الردع ، من الاطّلاع والتمكّن من الردع واحتمال التأثير وعدم المصلحة في تركه.
ومن هنا يعلم أنّ العمدة في دليل حجّيّة تقريره عصمته ، كما أشرنا إليه فإنّه لكونه معصوما لا يخلّ بما وجب عليه ، فسكوته عن الواقعة مع تحقّق شروط وجوب الردع عنها على تقدير البطلان إنّما هو باعتبار عدم وجوب الردع عنها ، وذلك يكشف عن رضاه بها ، وهو يلازم الجواز فعلا كانت أو تركا ، أو الحقّيّة قولا كانت أو اعتقادا.
ثمّ إنّ سكوته عن الردع قد يعلم كونه في محلّ اطّلاعه على الواقعة.
وقد يعلم كونه في محلّ عدم اطّلاعه على الواقعة ، وقد يحتمل الأمران.
وأيضا قد يعلم كونه في محلّ تمكّنه من الردع عنها ، وقد يعلم كونه في محلّ عدم تمكّنه من الردع عنها وقد يحتمل الأمران.
وأيضا قد يعلم كونه في محلّ احتماله تأثير ردعه ، وقد يعلم كونه في محلّ علمه بعدم التأثير وقد يحتمل الأمران ، ولا إشكال في صور العلم بل الإشكال في صور الاحتمال الّتي هي صور الشكّ.
فتارة في اطّلاعه على الواقعة ، واخرى في تمكّنه من الردع ، وثالثة في احتماله للتأثير ، فهل يوجد في المقامات الثلاث أصل يرجع إليه لإحراز أحد طرفي الشكّ أو لا؟
أمّا المقام الأوّل : فالظاهر وجود الأصل في جانب العدم وهو أصالة عدم اطّلاعه على الواقعة ، ولا ينافي نفي اطّلاعه بالأصل ما ورد في صفة الإمام أنّه عالم بما كان وما يكون ، لأنّ الظاهر أنّ علومهم إراديّة مع أنّ المراد نفي الاطّلاع من جهة الأسباب العاديّة لا العلوم الغيبيّة الّتي هي من صفات الإمام.
وأمّا المقام الثاني : فلا إشكال في أنّ الأصل فقاهة واجتهادا يقتضي التمكّن.
أمّا الأوّل : فلأصالة عدم طروّ المانع من خوف أو موجب ضرر آخر.
وأمّا الثاني : فلأنّ الأصل في أفعال كلّ فاعل مختار كونها اختياريّة ، والظنّ يلحق