فالآية لا تدلّ على الأصل الذي أنتم قائلون به ، وهو عدالة جميع الصحابة ، ولابدّ من توفّر الشروط والقيود المذكورة فيها ، لمن نريد تزكيته منهم ، وأنّ المزكّى منهم لابدّ وأن لا يكون ممّن بايع ثمّ نكث البيعة فيما بعد.
وأخيراً : فموضوع عدالة الصحابة مسألة مهمّة جدّاً ، لابدّ من التأمّل فيها ، ودراسة النصوص القرآنية دراسة معمّقة ، والبحث في السنّة النبوية من ناحية السند والدلالة ، ومن ثمّ تحكيم العقل بعيداً عن التعصّب ، واتّخاذ القرار الحاسم والعقيدة الصحيحة في أنّ الصحابة كُلّهم عدول؟ أم يجوز إجراء قواعد الجرح والتعديل عليهم؟
( أبو القاسم ـ البحرين ـ ٢١ سنة )
تعقيباً على سؤال الأخ الذي أجبتم عليه ، أقول : إبليس كان يعبد الله ، وأكرمه الله ورفعه إلى السماء ، وحين عصا ولم يسجد لآدم غضب عليه الرحمن وأنزله ، فما المانع أن يكون الصحابة هكذا.
ونذكر لك أبسط الأُمور :
إنّهم تخلّفوا عن جيش أُسامة ، وأيضاً قوله تعالى : ( قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ... إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا باللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) (١).
ويلحق بهم المؤلّفة قلوبهم من الصحابة ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يعطيهم الأموال ليتألفهم على الإسلام ، ومنهم أبو سفيان وأولاده (٢) ، ومع هذا كُلّه ، وتقولون : كُلّهم عدول؟
____________
١ ـ الحجرات : ١٤ ـ ١٥.
٢ ـ سير أعلام النبلاء ٢ / ١٠٦.