وعليه ، فالفطرة الإنسانية هي القدرة المودعة في عالم الذرّ ، من قبل الباري تعالى لتيسير معرفته في عالم الدنيا ؛ فالإنسان كما أُعطي العقل للوصول إلى الحقيقة ، وكذلك أودع فيه الفطرة ، وهي التي تحثّه نحو الخيرات ، وتأمره بإتباع الحقّ.
وممّا ذكرنا يظهر : أنّ عالم الذرّ عالم تكويني لا تشريعي ، فلا تكليف فيه ـ كما يتوهّمه البعض ـ وحكمة وجود هذا العالم هي من أجل معونة الإنسان لمعرفة الله عزّ وجلّ ، وبعض المعتقدات الأساسية والقيم الأخلاقية.
وأمّا تأثير هذا العالم على الوجود البشري فهو واضح ممّا قلنا ، فكُلّ ما كان من ميزة وجودية مكنوّنة في عمق الضمير الإنساني ، والذي يدعوه نحو المبدأ الأعلى وما يتعلّق به ، ويصرف نظره عن الوقوع في متاهات المادّة ، فهو حصيلة ذلك العالم الذي تمثّله الفطرة السليمة.
ومجمل القول : أنّ الله تعالى قد جعل لهداية الإنسان ثلاث طرق : الرسل عليهمالسلام ، والعقل ، والفطرة ، ومنشأ هذه الفطرة هو عالم الذرّ.
فالنتيجة : يجب علينا في هذه الدنيا إتباع هذه الفطرة ، حتّى تتمّ بها حكمة الهداية في الخلق ، وفي عكس هذه الحالة ، فسوف يكون الوجود الإنساني ناقصاً من حيث السير نحو الكمال.
( .... ـ البحرين ـ ٣٥ سنة )
س : هل يمكنكم تزويدي بآراء المفسّرين حول الآية المباركة : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ... ) (١) ، ونشكركم على جهودكم الجبّارة.
____________
١ ـ الأعراف : ١٧٢.