جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا ... وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ... ) (١) ، ومن خلال هذا نخرج بهذه النتيجة ، وهي أنّه لا يوجد أيّ محذور في ثبوت الغيب لأئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، ولكن ارجع لاستدرك وأقول هو تعلّم الغيب وليس علماً بالغيب.
وباتضاح هذا نعود إلى التساؤل الذي أشرتم إليه ونقول : إنّ أصل القضية التي قام بها معاوية هي مجرّد نقل تاريخي ، وليس كُلّ نقل تاريخي يمكن الاعتماد عليه ، والذي نقل تلك القضية هو إبراهيم الثقفي في كتابه الغارات (٢).
ويوجد كلام حول أصل كتاب الغارات ، فضلاً عن سند الرواية ، ولو سلّمنا صدقها فمن المحتمل أن يكون الإمام عليهالسلام عالماً بالخدعة ، ولكنّه كان مضطرّاً على عزل قيس بسبب ضغط بعض أصحابه ، كما هو الحال في حرب صفّين في قضية الحكمين ، فإنّه عليهالسلام كان يعلم بأنّ قضية الحكمين خدعة ، ولكنّه كان مضطرّاً إلى قبولها لضغط بعض أصحابه.
وما نقوله ليس مجرد احتمال ، بل تساعده بعض الكتب التاريخية ، فقد روى البلاذري في أنساب الأشراف أنّه كان مضطرّاً إلى عزل قيس من قبل أصحابه (٣) ، ونقل ذلك أيضاً الطبري في تاريخه (٤).
وملخّص ما نريد أن نقوله : أنّ قضية خدعة معاوية ، قد نقلها الثقفي في كتابه ، ومجرد النقل التاريخي لا يصلح أن يكون مدركاً لتسجيل الإشكال ، وإذا كان يصلح لذلك ، فهناك نقل تاريخي معاكس يدلّ على اضطرار الإمام عليهالسلام لقبول عزل قيس ، وهو نقل البلاذري والطبري.
____________
١ ـ الكهف : ٧٤ ـ ٨٠.
٢ ـ الغارات ١ / ٢١٧.
٣ ـ أنساب الأشراف : ٣٩٢.
٤ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٥٥٤.