بكُلّ مؤمن من نفسه »؟ قالوا : بلى ، بعد الإقرار منهم له صلىاللهعليهوآله ، بأنّه أولى بالتصرّف بهم من أنفسهم ، وله الولاية العظمى عليهم ، أتبع ذلك بقوله : « من كنت مولاه فعليٌّ مولاه » (١) ، فهذا تفريع على ذلك الإقرار وتلك المقدّمة.
وأمّا عدم قول النبيّ صلىاللهعليهوآله أولى صراحة فلأنّه إمام البلغاء ، فلو استخدم هذا اللفظ فسوف يقول : « من كنت أولاه فعلي أولاه » ، وهذا لا يجوز في اللغة العربية ، وكذلك أنّ لفظة « أولى » مبنية على أفعل التفضيل ـ الذي فيه مشاركة وزيادة ـ فتعني أنّ علياً أولى من ولي آخر ، ولا يوجد هناك ولي آخر في ذلك الوقت ، لأنّ الإمام والقائد يجب أن يكون واحداً للزمان الواحد ، وهذا بديهي ومسلّم من الجميع.
وعليه ، فإنّ علياً عليهالسلام الولي الوحيد بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٢) ، وإنّما تفيد الحصر والقصر.
ولو أردت قرائن أُخر ، وروايات شتّى ، وأقوال لعلماء أهل السنّة ، وحتّى الصحابة بمعنى الولاية وقصدها من النبيّ صلىاللهعليهوآله لزدناك.
( أُمّ محمّد ـ الكويت ـ ٤٠ سنة ـ جامعية )
س : من المؤكّد أنّ العصمة الموعودة من الله تعالى لنبيّه الكريم في آية ( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٣) لا تشير إلى خوف من النبيّ على نفسه ، وإنّما
____________
١ ـ مسند أحمد ٤ / ٢٨١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٢١ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٩ و ٧ / ٣٨٥ ، المناقب : ١٥٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٨.
٢ ـ المائدة : ٥٥.
٣ ـ المائدة : ٦٧.