والذي يدلّ عليه الدليل عقلاً ونقلاً أنّه ـ يعني الإمام ـ أولى بهم من أنفسهم بالأولوية التي كانت لرسول الله ، وهي إنّه سبحانه خلق الأشياء له ولأهل بيته الطاهرين ، وفي الحديث القدسي : « خلقتك لأجلي وخلقت الأشياء لأجلك ».
وقول علي عليهالسلام : « نحن صنائع ربّنا ، والخلق بعد صنائع لنا » أي صنعهم الله لنا ، واللام في لنا للملك ، وهذا المعنى هو الذي تقيده أخبارهم إنارة ، لأنّ التصريح فيه فصحّ بالحكمة فوجب الإشارة للتقية » (١).
وهناك كلمات كثيرة ضربنا عنها صفحاً روماً للاختصار.
لكن نقول : إنّ علماء الشيخية في القديم والحديث قد تجاوزوا الحدّ في تقديس أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، وغالوا في حبّهم كثيراً ، وفوّضوا إليهم بعض الأُمور ، مدّعياً في بعض الأحيان الإجماع على ما يعتقدونه!! وهو بعيد كُلّ البعد ، لأنّ زعماء الطائفة في القديم والحديث قد طرحت مذهب أهل البيت عليهمالسلام وبيّنوه بشكل يلائم العقل والفطرة والوجدان ، وقاموا بالأخذ من منبع النبوّة الصافي ، الذي يعرض الدين الإسلامي الحنيف وأئمّته بشكل يحدّد لكُلّ شخص مقامه ووظائفه ، لا يتجاوزها ولا يحيد عنها ، والتحذير من الروايات الغريبة والضعيفة التي فيها كلام يخالف الأُصول الكُلّية ، والقواعد العامّة التي بيّنها الله تعالى ، وبيّنها أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في كلماتهم وأقوالهم وأفعالهم.
ومثالاً على ذلك ما قال ياسر الخادم نقلاً عن الإمام الرضا عليهالسلام حيث قال : قلت للرضا عليهالسلام : ما تقول في التفويض؟ قال : « إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى نبيّه صلىاللهعليهوآله أمر دينه ، فقال : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٢) فأمّا الخلق والرزق فلا ... » (٣).
____________
١ ـ شرح الزيارة : ٢٨.
٢ ـ الحشر : ٧.
٣ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٢١٩.