مورده مطلقا ممّا أعطاه الشارع حكم النجس مطلقا حتّى في تأثيره في تنجيس ملاقيه.
وممّا يرشد إلى ذلك أيضا ما ورد في الثوبين المشتبهين من الأمر بتكرار الصلاة فيهما المعلوم كونه لأجل اليقين بحصول الصلاة في الثوب الطاهر ، فلو صحّ كونهما بحيث أعطاهما الشارع حكم النجس لم يصحّ الصلاة بشيء منهما ووجب الحكم باجتنابهما معا.
هذا كلّه مع أنّه يكفي في الحكم بطهارة الملاقي استصحاب الطهارة السابقة ، وأصالة الطهارة المستفادة من قوله عليهالسلام : « كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر (١) » ولا يجري نحو الأوّل في شيء من المشتبهين ، لانتفاء ما هو من أركانه من الشكّ اللاحق ، فإنّ اشتباه الطاهر بالنجس كما لا يوجب الشكّ في زوال النجاسة عن النجس الواقعي كذلك لا يوجب الشكّ في طروّ النجاسة للطاهر الواقعي.
نعم لو كان المشتبهان قبل عروض الاشتباه طاهرين فأصاب أحدهما نجاسة على وجه الاشتباه تحقّق في كلّ منهما الشكّ المذكور بعد سبق اليقين بالطهارة ، لكن استصحاب الطهارة في أحدها معارض بمثله في الآخر ، ولا يمكن العمل بهما معا لمكان العلم الإجمالي بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ، والأخذبه في أحدهما ترجيح بلا مرجّح فيتساقطان.
ولا ينقض الثاني بمثله في المشتبهين لعدم شمول دليله لهما ، لوضوح الفرق بين الشبهة في طهارة الشيء ونجاسته من جهة الشكّ في محمول القضيّة وهو الشكّ في أنّ هذا طاهر أو نجس ، وبين الشبهة فيهما للشكّ في موضوع القضيّة وهو الشكّ في أنّ هذا طاهر أم ذاك ، وقوله عليهالسلام : « كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر » ظاهر في الأوّل فلا يتناول بظاهره الثاني وما نحن فيه من هذا القبيل.
ولو سلّم عدم الفرق في عموم الرواية فأقصاه تعارض الأصل المذكور في أحدهما بمثله في الآخر فيتساقطان.
فروع :
أوّلها : إذا اشتبه الملاقي بالمشتبه الملاقى أو بالمشتبه الآخر غير الملاقى انقلب حكمه فيجب اجتنابه أيضا معهما ، لوقوعه بالاشتباه المذكور طرفا للعلم الإجمالي ، لدوران المعلوم بالاجمال حينئذ بينه وبينهما ، فيشمله الشكّ في المكلّف به ، غايته أنّه قبل الاشتباه
__________________
(١) المستدرك ٢ : ٥٨٣ الباب ٣٠ من أبواب النجاسات والأواني ، ح ٤ ، الوسائل ٢ : ١٠٥٤ الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، ح ٤. وفيه : « نظيف » بدل « طاهر ».