وإن شئت قلت : إنّ المقام من فروع مسألة ظنّ السلامة الكافي في تنجّز التكليف على ما تقرّر في محلّه ، ولذا يخاطب المكلّف من حين رؤية هلال شهر رمضان بصيام تمام الشهر ، ويصحّ نيّة الجميع في أوّل ليلة منه.
هذا ، ولكنّ الّذي يسهّل الخطب ويهوّن الأمر هو إمكان التخلّص عن الشبهة في المثال بالأصل الموضوعي ، وهو إمّا قاعدة وضع العدد في أوّل الشهر أو على التخيير ـ كما أو مأنا إليه ـ فلا يجب الاجتناب في غير ما عيّن كونه حيضا ، أو استصحاب الحالة السابقة وهو الطهر المتيقّن قبل رؤية الدم وأصالة عدم طروّ الحيض ، فإنّه يجري من أوّل الشهر في كلّ يوم إلى أن يبقى منه مقدار العدد المعلوم لحصول القطع عنده بانتقاض الحالة السابقة ، باعتبار دوران الحيض حينئذ في النظر بين كونه متحقّقا في هذه الأيّام أو في الأيّام الماضية.
نعم يجوز التمسّك في هذه الأيّام بأصالة الإباحة ، لعود الشكّ بالنسبة إليها إلى كونه في التكليف الصرف.
ومن طريق البحث يظهر الحال في كلّ مثال يرد عليك من الموجودات تدريجا ، وظهر الوجه في جريان قاعدة الشبهة المحصورة فيها وعدم جريانها إمّا لفقد ما هو من شروط الاجتناب عن الشبهة مطلقا أو لوجود المانع عن وجوبه وهو الأصل الرافع للاشتباه فلاحظ وتأمّل.
الأمر السادس : لا فرق في وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة بين ما لو كان الاشتباه بدويّا أو حصل بعد ما كانا ممتازين مع عدم سبق حالة سابقة فيهما عليه أو مع سبقها عليه مع كونها الطهارة ـ كما لو كانا مائين طاهرين فأصاب أحدهما نجاسة ولم يعلم أيّهما هو؟ أو كانا عصيرين فانقلب أحدهما خمرا ولم يعلم أيّهما هو؟ ـ أو النجاسة فيهما ، كما لو كانا نجسين ثمّ زالت النجاسة عن أحدهما بمطهّر شرعي ، أو كانا خمرين فانقلب أحدهما خلاّ ولم يعلم أيّهما هو؟ أو الطهارة في أحدهما والنجاسة في الآخر كما لو كان أحدهما عصيرا والآخر خمرا مع الاشتباه فانقلب العصير خمرا والخمر خلاّ.
ثمّ الاشتباه الموجب لإجماليّة العلم قد تكون في المكلّف به لتردّد عنوان واحد محرّم بين شخصين كما في الإنائين المشتبهين إذا كان أحدهما خمرا ، أو لتردّد أحد العنوانين المحرّمين المردّد فيهما بين شخصين كما في الإنائين المشتبهين إذا كان أحدهما الخمر أو العصير بعد الغليان ، أو لتردّد أحد العنوانين بين شخصين ممتازين كما في إناء وثوب علم