وأمّا إذا كان دائرا بين الأقلّ والأكثر فهو باعتبار كونهما استقلاليّين أو ارتباطيّين على قسمين : والمراد بالأوّل ما كان التكليف الأصلي والوجوب النفسي بالنسبة إلى الأقلّ معلوما بالتفصيل مع الشكّ فيه بالنسبة إلى الزائد. والمراد بالثاني ما كان التكليف الأصلي والوجوب النفسي مردّدا بين تعلّقه بالأقلّ أو بمجموع الأكثر ، سواء كان الإتيان بالأقلّ مجزئا عن نفسه كمنزوحات البئر أو لا كالصلاة ، ومرجع دوران الأمر بين الارتباطيّين إلى الشكّ في جزئيّة شيء للمكلّف به ، سواء كان جزءا خارجيّا كالاستعاذة قبل البسملة في الصلاة ، أو ذهنيّا كالخصوصيّة المأخوذة في المكلّف به المتولّدة عن شرط له أو قيد له كما في عتق الرقبة المؤمنة ، وقد جرت عادتهم بتسمية ذلك بالشكّ في الشرطيّة وتسمية الشكّ في الجزء الخارجي بالشكّ في الجزئيّة.
وينبغي إسقاط الاستقلاليّين عن البين ، لاتّضاح حكمه ممّا سبق في ذيل مباحث الشبهة الموضوعيّة من الشكّ في المكلّف به من اشتباه الواجب بغير الحرام ، إذ قد عرفت أنّ اشتباه المكلّف بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ينحلّ إلى علم تفصيلي بالتكليف بالأقلّ وشكّ في التكليف بالزائد ، والحكم في كلّ منهما معلوم من حيث اقتضاء الأوّل لوجوب تحصيل البراءة بالنسبة إلى الأقلّ ، واقتضاء الثاني للرجوع إلى أصل البراءة بالقياس إلى الزائد.
وأمّا الارتباطيّان فصور البحث فيه باعتبار كون الشبهة فيه قد تكون حكميّة لفقد النصّ أو إجماله أو تعارض النصّين ، وقد تكون موضوعيّة أربع :
الصورة الاولى : ما إذا كانت الشبهة حكميّة لفقد النصّ المعتبر في المسألة ، والكلام فيها باعتبار كون الشبهة قد تكون للشكّ في الجزئيّة ، وقد تكون للشكّ في الشرطيّة يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في الشبهة الناشئة عن الشكّ في الجزئيّة ، بأن تكون ناشئة عن الاختلاف بين العلماء في الجزئيّة كما في الاستغاذة قب لـ التسمية في الركعة الاولى ، لذهاب جماعة إلى الجزئيّة واخرى إلى نفيها.
وقد اختلف في وجوب الاحتياط هنا وعدمه على قولين ، إلاّ أنّ المعروف بين الأصحاب عدم وجوبه ، وقيل : إنّه المشهور بين العامّة والخاصّة المتقدّمين منهم والمتأخّرين ، والقول بوجوبه للوحيد البهبهاني في فوائده (١) وقبله المحقّق السبزواري (٢) ـ على ما حكي ـ ولم يعرف عن غيرهما.
__________________
(١) الفوائد الحائريّة : ٤٤١ ـ ٤٤٢.
(٢) ذخيرة المعاد : ٢٧٣.