الأمر الأوّل : إذا ثبت جزئيّة شيء للعبادة وشكّ في ركنيّته فهل الأصل كونه ركنا أو كونه غير ركن ،أو الأصل هو التفكيك بين أحكام الركن بإثبات بعضها ونفي الآخر؟ احتمالات.
وليعلم أنّ الركن ليس من الموضوعات اللغويّة ولا العرفيّة ليرجع في استعلام حاله في محلّ الشكّ إلى العرف واللغة ، ولا أنّه من الموضوعات الشرعيّة الثابت فيها الوضع ليرجع في معرفة حاله عند الشكّ إلى الشارع ، ولم يوجد له أثر في الأخبار المأثورة عن أهل العصمة ليرجع لمعرفته إلى عرف زمان صدور هذه الأخبار ، بل هو اصطلاح محدث للفقهاء منشؤه ثبوت الفرق من الأدلّة بين أجزاء بعض العبادات في الأحكام من بطلان العبادة بنقصه سهوا وعدم بطلانها كذلك ، وبطلانها بزيادته عمدا وعدم بطلانها بزيادته كذلك ، وبطلانها بزيادته سهوا وعدم بطلانها كذلك ، ولذا عرّف الركن : « بأنّه ما تبطل العبادة بنقصه عمدا أو سهوا » تعريفا للشيء بأحكامه ، وقد يضاف إليه الزيادة فيقال : « ما تبطل العبادة بنقصه أو زيادته عمدا أو سهوا » ويقابله غير الركن وهي ما لا تبطل العبادة بنقصه سهوا أو نقصه وزيادته عمدا أو سهوا.
فلا بدّ في تأسيس الأصل من التكلّم في أصالة هذه الأحكام ما عدا بطلانها بنقص الجزء عمدا ، فإنّ ثبوت هذا الحكم للجزء من القضايا الّتي قياساتها معها ، لأنّه لو لم يكن نقصه عمدا مبطلا لم يكن في صورة السهو أيضا مبطلا بطريق أولى ، فخرج عن كونه جزءا ويبطله دليل الخلف ، ولذا كان ذلك الحكم ما به الاشتراك بين الركن وغيره فلا حاجة إلى التكلّم في إثباته ، وإنّما المحتاج إليه الأحكام الثلاث الباقية ، وهو يتمّ في طيّ مسائل ثلاث :
المسألة الاولى : إنّ قضيّة الأصل العقلي الّذي لا محيص عنه بطلان العبادة المركّبة بنقص جزئها سهوا إلاّ أن يقوم على صحّته دليل خصوصا أو عموما ، وذلك إذ قد بيّنّا في غير موضع أنّ المركّب ليس له وجود مغاير لوجودات أجزائه ، بل وجوده عين مجموع وجودات أجزائه ، فإذا أمر به كان الغرض منه إيجاده الّذي هو عين مجموع إيجادات أجزائه الّتي منها إيجاد هذا الجزء المبحوث عنه ، فيكون مطلوبا بمطلوبيّة إيجاد المركّب ، فإذا انتفى عمدا أو سهوا عمّا بين إيجادات سائر الأجزاء لم يكن المأمور به ، حاصلا ولا الحاصل مأمورا به ولا نعني من البطلان بنقص الجزء سهوا إلاّ هذا.
وربّما يتوهّم ابتناء المسألة على مسألة الإجزاء ، فعلى القول باقتضاء الأمر للإجزاء ولو ظاهريّا شرعيّا أو عقليّا اتّجه القول بأصالة عدم البطلان.