الأوّل علميّة الشرط وفي الفرع الثاني واقعيّته وأصل البراءة بالعكس فليتدبّر ، وليس في المقام أصل منضبط آخر يقتضي أحد طرفي الشكّ مطّردا.
الأمر الرابع : في أنّه إذا تعارض الجزء والشرط عند الاتيان بالعبادة ،بأن لا يتمكّن المكلّف لعذر من الأعذار من ادراكهما معا بل لا بدّ له من ادراك أحدهما وطرح الآخر وتفويته ، فهل الأصل تفويت الجزء أو تفويت الشرط؟ وذلك كما في زيارة عاشوراء بناء على اشتراطها بوحدة المجلس استظهارا له من الروايات الواردة في بيان كيفيّتها إذا لم يمكنه لعذر الاتيان بالزيارة الكاملة التامّة الأجزاء في مجلس واحد ، فيدور الأمر حينئذ بين حفظ الشرط وطرح الجزء ، بأن يكتفي بلعن واحد وسلام واحد مع سائر الأفعال في مجلس واحد ، أو حفظ الجزء وطرح الشرط بأن يأتي بتمام الأجزاء في مجالس متعدّدة ، وقاعدة الاحتياط هنا تقتضي الجمع بين الصورتين بل هو أقرب بالصواب ، غير أنّه قد يرجّح طرح الشرط والأخذ بالجزء ، لكون الشرط وصفا وطرح الوصف أهون من طرح الموصوف.
ولقد تمسّك بنظير ذلك جماعة من المتأخّرين كالشهيد وأحزابه في مسألة لباس المصلّي إذا انحصر الساتر لعورته في ثوب متنجّس ، فيدور الأمر حينئذ بين الصلاة فيه طرحا لشرط الساتر وهو الطهارة ، والصلاة عريانا طرحا للساتر الّذي هو الموصوف ، فرجّحوا الأوّل استنادا إلى كون الوصف أولى بالطرح من الموصوف ، ولعلّ وجه الأولويّة تأخّر رتبة الشرط في الملاحظة والجعل عن رتبة الجزء ، فإنّ الآمر يلاحظ المأمور به أوّلا بأجزائه ثمّ يعتبر له شرائط ، حتّى أنّه يقدّم الجزء في الذكر فيقول : « إيتني بالشيء الفلاني مع الشرط الفلاني » وبذلك ربّما أمكن دفع ما أورد على الوجه المذكور من أنّه اعتبار صرف لا تعويل عليه.
الأمر الخامس : إذا ثبت اعتبار شيء في العبادة ودار بين كونه جزءا أو شرطا ، فالظاهر أنّه لا يمكن الخروج عن الشبهة بأصل العدم لرجوعه إلى تعيين الحادث بالأصل ، إذ الجزء ما يعتبر وجوده من مجموع الوجودات الّذي هو عين وجود الكلّ ، والشرط ما يعتبر وجوده قيدا لوجود الكلّ الذي هو عين وجودات أجزائه ، والمفروض أنّ الشارع قد اعتبر وجود هذا الشيء ، فالجعل معلوم ووجهه غير معلوم وتعيين أحدهما بالأصل غير معقول.
نعم لو ظهر كونه من مقولة الجنس المقول على الكلّ تبيّن كونه جزءا ، كما أنّه لو ظهر كونه ممّا اعتبر مقارنته لتمام العمل انكشف كونه شرطا ، ولو لم يظهر شيء من ذلك وجب