المدّعي واليمين على من أنكر وأنّ الشهادة على النفي غير مسموعة ـ بيّنة تصلح لمعارضة بيّنة الإثبات حتّى تمسّ الحاجة إلى طلب المرجّح وأخذ استصحاب النفي عاضد لها ، وما فرضوه من تعارض البيّنتين فإنّما هو في عنوان التداعي المنقسم عندهم إلى ما كان المدّعى به في يد أحدهما أو يد كليهما أو في يد خارج لا في عنوان الدعوى والإنكار ، لعدم كون إقامة البيّنة من وظيفة المنكر ولو أقامها لم تكن مسموعة.
والقول بأنّ معنى البيّنة على المدّعي انّ إقامة البيّنة تلزم على المدّعي لا على المنكر لا أنّ بيّنة المنكر ليست مسموعة إذا أقامها ، كما نسب إلى بعض الأصحاب.
يندفع ـ مع أنّه خلاف التحقيق ـ بأنّه : لو سلّم فليس معناه أنّ بيّنته تقبل ولو مع وجود بيّنه للمدّعي.
هذا مع تطرّق المنع إلى دعوى الاعتضاد ، لأنّ الأصل التعليقي كما لا يصلح معارضا للدليل كذا لا يصلح معاضدا له ، والاستصحاب منه حتّى على القول به من باب الظنّ كما هو واضح.
ولا ينتقض ما ذكرناه من عدم كون إقامة البيّنة من وظيفة [ المنكر ] ما في مسألة التداعي مع ثبوت يدي المتداعيين على العين ، من أنّ كلاّ منهما يكلّف بإقامة البيّنة مع كونه منكرا لكون ما في يده لصاحبه ، لعدم كون إقامة البيّنة لنفيه هذا ، بل إنّما هي لإثباته وهو دعواه لكون ما في يده له ، ووظيفة كلّ منهما لإنكاره الحلف لا غير.
المقام الثاني : في اعتباره وعدم اعتباره تعبّدا من جهة الأخبار ، والحقّ في هذا المقام هو القول بالحجّية مطلقا أو في الجملة ، والأخبار الدالّة عليه كثيرة :
منها : صحيحة زرارة الّتي لا يخلّ إضمارها بصحّتها ، لوضوح كون مثل زرارة أجلّ وأرفع من أن يسأل غير المعصوم ، فلا يكون المضمر إلاّ المعصوم الّذي هو إمّا الباقر أو الصادق عليهالسلام ، قال : قلت له : الرجل ينام وهو على وضوء أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال : « يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن ، فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء ، قلت : فإن حرّك إلى جنبه شيء وهو لا يعلم به؟ قال : لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام ، حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلاّ فإنّه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ ، وإنّما ينقضه بيقين آخر (١) ».
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ ح ١١ ، الوسائل ١ : ١٧٤ ، الباب الأوّل من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث الأوّل.