البتّة فيستصحب تلك الآثار في زمان الشكّ في بقاء الحياة أو الرطوبة أو العدالة الّذي فقد فيه المانع الموجود ووجد الشرط المفقود ، ومرجعه إلى استصحاب الآثار الشأنيّة أو ترتّبها الشأني ، فليتأمّل.
نعم يمكن الذبّ عن الإشكال : بأنّ استصحاب الآثار والأحكام الشرعيّة بدون إحراز موضوعاتها غير صحيح ، بل غير معقول.
ولا ريب أنّ الحياة والرطوبة والعدالة في الأمثلة المذكورة جزء من موضوع الأثر الشرعي المترتّب عليه ، فلابدّ من إحرازه ولا يحرز إلاّ بالاستصحاب ، فاستصحاب الأثر لا يغني عن استصحاب الموضوع ، بخلاف استصحاب الموضوع فإنّه كاف في إثبات الآثار ومغن عن استصحابها ، لما عرفت من أنّ معنى استصحابه وجوب ترتيبها.
ومن التفاصيل : ما أحدثه الأخباريّون ـ كالفاضل الأستر آبادي (١) والمحدّث الشيخ الحرّ العاملي (٢) ومن يحذو حذوهم ـ من قصر الحجّية على غير الحكم الشرعي الكلّي لكن لا بالمعنى الّذي هو في طرف العكس من التفصيل السابق كما توهّمه غير واحد ، بل بمعنى نفي الحجّية عن الحكم الشرعي الكلّي الّذي شبهة بقائه في زمان الشكّ حكميّة ـ كالخيار وحقّ الشفعة والماء المتغيّر بالنجاسة بعد زوال تغيّره والمتيمّم الواجد للماء في الصلاة وما أشبه ذلك ـ وإثباتها لغيره حتّى الحكم الشرعي الجزئي الّذي شبهة بقائه موضوعيّة كما أشرنا إليه عند نقل الأقوال.
وعن المحدّث الأستر آبادي بعد التصريح بنفي اعتباره في الحكم الشرعي الكلّي استثناء استصحاب عدم النسخ مدّعيا للإجماع بل الضرورة على اعتباره ، وله كلام حكي عن فوائده المكّية (٣) ربّما يظهر من تضاعيفه حجّته على عدم الاعتبار في الحكم ، حيث إنّه بعد ما نقل أخبار الاستصحاب وأثبته بها قال : « لا يقال : هذه القاعدة تقتضي جواز العمل بالاستصحاب في أحكام الله تعالى كما ذهب إليه المفيد والعلاّمة من أصحابنا والشافعيّة قاطبة ، ويقتضي بطلان قول أكثر علمائنا والحنفيّة بعدم جواز العمل به.
لأنّا نقول : هذه شبهة عجز عن جوابها كثير من فحول الاصوليّين والفقهاء ، وقد أجبنا عنها في الفوائد المدنيّة تارة بما ملخّصه : أنّ صور الاستصحاب المختلف فيها عند النظر
__________________
(١) الفوائد المدنيّة : ١٤٣.
(٢) الفوائد الطوسيّة : ٢٠٨ ، والفصول المهمّة في اصول الأئمّة : ٢٥٠.
(٣) حكاه الفاضل التوني في الوافية : ٢١٢.