لا يقال : إنّ المقتضي هو العقد ولم يثبت أنّه باق.
لأنّا نقول : وقوع العقد اقتضى حلّ الوطء لا مقيّدا فيلزم دوام الحكم نظرا إلى وقوع المقتضي لا دوامه ، فيجيب أن يثبت الحلّ حتّى يثبت الرافع.
ثمّ قال : فإن كان الخصم يعني بالاستصحاب ما أشرنا إليه لم يكن ذلك عملا بغير دليل ، وإن كان يريد أمرا آخر وراء ذلك فنحن مضربون عنه » انتهى (١).
وظاهر عبارته قدسسره وإن كان قصر الحجّية على ما كان الشكّ بعد إحراز المقتضي لدوام الحكم باعتبار رافعيّة الموجود للحكم الّذي نفى الحجّية فيه المحقّقان المتقدّمان ، إلاّ أنّه لمّا كان في هذه الصورة أهون في الاعتبار بالقياس إلى صور الشكّ في وجود الرافع أو صدقه على موجود للشكّ في الصدق أو المصداق ، فهذا يعطي أولويّة الحجّية عنده في هذه الصور. فهو عند التحقيق قائل بالحجّية في جميع صور الشكّ باعتبار المانع وناف لها فيما هو باعتبار المقتضي.
ومن مشايخنا (٢) من قوّى هذا القول ثمّ بعده القول المختار.
والجواب عن ذلك أيضا يظهر بمراجعة ما مرّ مرارا ولا نعيده.
نعم نزيد عليه : أنّ وجه الفرق إن كان توهّم كون مبنى الاستصحاب على ظنّ البقاء وهذا إنّما يتأتّى في الصورة المذكورة دون غيرها.
ففيه : منع الفرق في عدم الحصول ، ومنع الاعتبار على فرض تسليم الحصول.
وإن كان توهّم عدم تناول ما ورد من الأخبار لغير الصورة المذكورة ، أو نهوض ما أوجب تخصيصها.
ففيه : ما تقدّم من إثبات العموم مع منع وجود المخصّص. هذا تمام الكلام في أصل المسألة ، وينبغي ختمها بإيراد مطالب مهمّة :
المطلب الأوّل
أنّه قد ظهر من تضاعيف ما تقدّم أنّه لا ينبغي التأمّل في جريان الاستصحاب وحجّيته في الموضوعات الخارجيّة المعبّر عنها بالموضوعات الصرفة ، وفي الموضوعات
__________________
(١) المعارج : ٢٠٩ و ٢١٠.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٥١.