يقين فشكّ (١) » إلى آخره ، أو « من كان على يقين فأصابه به شكّ (٢) » إلى آخره.
نعم ربّما يلزم من عدم انجرار الحكم إلى الزمان الماضي حادث يشكّ في حدوثه باعتبار الشكّ في انجرار ذلك الحكم ، وحيث إنّ الأصل عدمه فيلزم ثبوت الحكم في جميع الأزمنة الماضية المشكوك ثبوته فيها.
ومن أمثلته أصالة عدم النقل المعمول بها المتّفق عليها في لفظ ثبت في العرف كونه حقيقة في معنى وشكّ في كونه كذلك في صدر اللغة إلى زمان الشارع ليحمل خطاباته عليه ، كصيغة « افعل » في الوجوب ، فيقال في تقرير الأصل : أنّها في صدر اللغة كانت مستعملة لا محالة ، وكانت موضوعة أيضا لا محالة ، لتوقّف الاستعمال الصحيح على الوضع وإن لم يتوقّف على الحقيقة ، فلو كانت موضوعة لغير الوجوب لزم النقل والأصل عدمه ، فلزم كونها في اللغة أيضا للوجوب.
ويرد عليه : أنّ هذا الأصل أيضا ممّا لا تعويل عليه لرجوعه إلى الأصل المثبت.
نعم لا مانع منه في خصوص أصالة عدم النقل لما عرفت من قضيّة الاتّفاق ومدركه العرف وبناء العقلاء.
وبجميع ما قرّرناه ظهر فرق آخر بين استصحاب القهقري وأصالة التأخّر ، فإنّ الأوّل يلزمه اتّحاد الحادث وهو في الثاني قد يتعدّد ، بل هو ممّا لزمه التعدّد لا محالة إمّا في الزمانين ، أو في الزمانيّين وأيضا مورد الأوّل في نحو أصالة عدم [ النقل ] صورة الشكّ في وحدة المعنى وتعدّده باعتبار اللغة والعرف ، بخلاف ما لو علم التعدّد وشكّ في مبدأ حدوث الوضع المعلوم في العرف ، فإنّ مقتضى الأصل عدم ثبوته قبل زمان العلم به ، ومن فروعه كون الأصل في مسألة الحقيقة الشرعيّة عدم الثبوت على ما حقّق في محلّه.
المطلب الرابع
في استصحاب الصحّة المعمول به عند جماعة من الأصحاب كالشيخ (٣) والحلّي (٤) والفاضلين (٥) وغيرهم في أبواب العبادات ، والمراد به ما كان مستصحبه الصحّة ومورده
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٦.
(٢) المستدرك ١ : ٢٢٨ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٤.
(٣) انظر الخلاف ٣ : ١٥٠ والمبسوط ٢ : ١٤٧.
(٤) السرائر ١ : ٢٢٠.
(٥) وهما المحقّق في المعتبر ١ : ٥٤ والعلاّمة في نهاية الإحكام ١ : ٥٣٨ وتذكرة الفقهاء ١ : ٢٤.