أحدهما : أنّ الزمان لا يتصوّر له آن آخر يكون ظرفا لوجوده ، وينقسم إلى زمان اليقين بوجوده وزمان الشكّ في بقائه.
وثانيهما : أنّه لا يتصوّر له بقاء ، لأنّ سابقه منعدم ولا حقه غير معلوم التحقّق ، وعلى فرض تحقّقه في الواقع كان مسبوقا بالعدم فكان حدوثا ، فالشكّ في تحقّقه شكّ في حدوثه لا في بقائه ، وهذا هو معنى ما يقال ـ في منع جريانه ـ من : أنّه لا يجري لتشخيص كون الجزء المشكوك فيه من أجزاء الليل أو النهار ، لأنّ نفس الجزء لم يتحقّق في السابق فضلا عن وصف كونه نهارا أو ليلا.
نعم ربّما يمكن الاستصحاب هنا أيضا بالبناء على المسامحة ، بجعل النهار أو الليل عبارة عن مجموع قطعة محدودة من الزمان من دون تحليلها إلى أجزائها ولا ملاحظة السبق واللحوق فيها ، ويقال : إنّها ما يشكّ في بقائه وانقضائه والاستصحاب يقتضي بقاءه.
أو بإرجاعه إلى امور عدميّة اخر متلازمة للزمان كعدم غروب الشمس وذهاب الحمرة وطلوع الفجر ، وعدم وصول القمر إلى المنزل الفلاني الّذي لزمه رؤية هلاله في استصحاب الشهر ونحو ذلك.
وربّما أمكن الاستصحاب الحكمي أيضا كحرمة الإفطار وإباحة تناول المفطرات ، غير أنّه لا يفيد كون الزمان المشكوك فيه نهارا أو ليلا لبطلان الأصل المثبت ، مع ابتنائه على غضّ النظر عن الشكّ في بقاء موضوع المستصحب بل الشكّ في موضوعيّة الباقي ، لأنّ الشكّ في أنّ هذا الجزء المتحقّق من الزمان من النهار أو من الليل لا في بقاء النهار أو الليل ومعه لا معنى للاستصحاب.
ومن هنا ظهر أنّه كما لا يصحّ الاستصحاب في الزمان فكذلك لا يصحّ في الزماني وهو الأمر المقيّد بالزمان ، كوجوب صيام نهار رمضان إذا شكّ في انقضاء النهار ، فليتأمّل حتّى تعرف أنّ المقام في استصحاب الزمان أو الأمر الزماني من مجاري أصلي الاشتغال والبراءة لا الاستصحاب.
المطلب العاشر
في الاستصحاب التقديري الّذي يراد به استصحاب الأمر التقديري ، وقد يعبّر عنه بالتعليقي فيما لو كانت القضيّة المستصحبة قضيّة تعليقيّة حكم فيها بوجود حكم على تقدير وجود أمر آخر ، كالحكم على العنب بحرمة مائه على تقدير الغليان ، وإذا صار زبيبا