نفس الحكم المشروط فيه العلم ببقاء موضوعه ، الّتي ضابطها كون القضيّة من حيث كونها مشكوكة عينها من حيث كانت متيقّنة إن احتيج إليه ، مع أنّه في بعض الصور غير ممكن وهو فيما أمكن يغني عن استصحاب الحكم.
وتوضيحه : أنّ الشكّ في الحكم قد يكون مسبّبا عن الشكّ في الموضوع وقد يكون مسبّبا عن أمر آخر ، والشكّ في الموضوع على التقديرين قد يكون شكّا في بقاء الموضوع وقد يكون شكّا في موضوعيّة الباقي.
والفرق بينهما أنّ الموضوع قد يكون أمرا معيّنا يشكّ في بقائه ولو باعتبار الشكّ في زوال قيد من قيوده ، وقد يكون أمرا مجملا مردّدا بين شيئين أحدهما معلوم الارتفاع والآخر معلوم البقاء فيشكّ في موضوعيّة الباقي ، ثمّ الشكّ في البقاء قد يكون ناشئا عن شبهة في الموضوع الصرف المعبّر عنه بالأمر الخارجي ، وقد يكون ناشئا عن الشكّ في الموضوع المستنبط ، فهذه ستّة أقسام :
القسم الأوّل والثاني : ما شكّ في بقاء الموضوع وكان ناشئا عن الشبهة في أمر خارجي ، سواء كان الشكّ في بقاء الحكم مسبّبا عن الشكّ في الموضوع ـ كنجاسة الماء المتغيّر إذا شكّ في زوال تغيّره فيما فرض دخول الوصف في الموضوع ، وطهارة الماء الكرّ إذا شكّ عند ملاقاته النجاسة في زوال كرّيّته ، ومطهرّيّة الماء المطلق إذا شكّ عند اختلاطه بالمضاف في زوال إطلاقه ، ونجاسة الكلب في المملحة أو النار إذا شكّ في استحالته ملحا أو رمادا لظلمة ونحوها ممّا يمنع من الاعتبار ، وجواز التيمّم بالأرض والسجود عليها إذا شكّ بالطبخ في استحالتها ـ أو عن أمر آخر كعدالة المجتهد الغائب إذا شكّ في مسألة جواز تقليده ابتداء في بقاء عدالته مقرونا بالشكّ في حياته ، وكذلك عدالة زيد الغائب الّذي اريد الوصيّة إليه إذا شكّ في بقاء عدالته وحياته معا ، وحرمة زوجته على الغير إذا شكّ في بقائها عند احتمال طلاقه إيّاها مع الشكّ في حياته أيضا.
ففي هذين القسمين لا ينبغي التأمّل في جريان استصحاب الموضوع على نحو ما مرّ في بحث الاستصحاب في الامور الخارجيّة ، إلاّ أنّه مع كونه في القسم الأوّل مغنيا عن استصحاب نفس الحكم ـ لأنّ استصحاب الموضوع على ما بيّنّاه في بحث الاصول المثبتة لا معنى له إلاّ ترتيب الآثار الشرعيّة المعلّقة على ذلك الموضوع ، الّتي من جملتها الحكم المشكوك في بقائه ـ لا يجدي نفعا في صحّة استصحاب نفس الحكم في القضيّة الّتي