استصحاب الحكم ـ كالعدالة مثلا ـ لا يحتاج إلى ابقاء حياة زيد ، لأنّ موضوع العدالة زيد على تقدير الحياة ، إذ لا شكّ فيها إلاّ على فرض الحياة فالّذي يراد استصحابه هو عدالته على تقدير الحياة.
وبالجملة فهنا استصحابان لكلّ منهما موضوع على حدة حياة زيد وعدالته على تقدير الحياة ، ولا يعتبر في الثاني اثبات الحياة ، ومبنى ذلك على كون القضيّة في قولنا : « زيد عدل » تقديريّة حيث حكم فيها بعدالة زيد على تقدير حياته ، ولا شبهة في صدقها لأنّها حقيقيّة والقضايا الحقيقيّة كلّها فرضيّة ، وصدق القضيّة الفرضيّة لا يتوقّف على ثبوت الموضوع فعلا بل يكفي فيه فرض الثبوت ، ولذا يجامع العلم بثبوته والعلم بعدمه والشكّ في الثبوت والعدم.
القسم الثالث والرابع : ما كان الشكّ في بقاء الموضوع ناشئا عن الشبهة في الموضوع المستنبط ، سواء كان الشكّ في بقاء الحكم مسبّبا عن الشكّ في بقاء الموضوع ـ كالخزف والآجر إذا شكّ في بقاء جواز السجود عليهما للشكّ في بقاء الأرضيّة فيهما ، الناشئ عن الشبهة في أنّ مسمّى الأرض بحسب الوضع العرفي أو اللغوي هل اعتبر فيه عدم المطبوخيّة أو لا؟ والماء والمختلط بالمضاف إذا شكّ في طهوريّته للشكّ في بقاء المائيّة فيه الناشئ عن الشبهة في أنّه هل اعتبر في وضع الماء عرفا أو لغة عدم اختلاطه بمضاف أو لا؟ وكذلك الممتزج بالتراب بحيث صار كدرا إذا شكّ في بقاء المائيّة فيه ، للشكّ في دخول وصف الصفاء في مسمّى الماء وعدمه ـ أو كان مسبّبا عن أمر آخر غير الشكّ المذكور كالشكّ في جواز السجود أو المطهرّيّة في الأمثلة المذكورة لاحتمال طروّ النجاسة مع الشكّ في بقاء صدق الأرض أو الماء بعد الطبخ والاختلاط بالمضاف أو التراب.
والظاهر عدم جريان الاستصحاب في هذين القسمين لا في قضيّة الحكم ولا في قضيّة الموضوع وهو قولنا : « هذا أرض أو ماء » مثلا ، لاحتمال تغاير القضيّتين لأنّ موضوع الحكم في قضيّة الحكم إنّما هو الأرض والماء وهو محتمل الارتفاع في القضيّة المشكوكة ، وموضوعه في قضيّة الموضوع إنّما هو المورد حال عدم الطبخ وعدم الاختلاط على معنى كون الأرض والماء محمولا على الغير المطبوخ والغير المختلط وهو غير باق في القضيّة المشكوكة.
ولك أن تقول : إنّ الشكّ في بقاء الموضوع هاهنا يرجع إلى الشكّ في موضوعيّة الباقي بالنظر إلى احتمال مدخليّة القيد العدمي أو الوجودي في مسمّى اللفظ ، ولو سلّم جريانه