بالنسبة إلى الموضوع فهو لا يجدي نفعا في صحّة استصحاب الحكم كما عرفت.
وممّا ذكر ظهر عدم جريان الاستصحاب في القسم الخامس أيضا ، وهو ما كان الشكّ في بقاء الموضوع من جهة الشبهة في دليل الحكم باعتبار عدم تعرّض فيه لبيان أنّه ما علم ارتفاعه أو ما علم بقاؤه ، كالماء المتغيّر إذا زال تغيّره بنفسه والمجتهد بعد مماته ، حيث لم يعلم من دليل نجاسة الأوّل وجواز تقليد الثاني أنّ موضوع الحكم هل هو الماء المتغيّر والمجتهد الحيّ بوصفي التغيّر والحياة على أن يكون الوصف أيضا من جملة الموضوع ، أو الماء والمجتهد لا بشرط الوصف على أن يكون الوصف خارجا عن الموضوع علّة لحدوث الحكم أو ظرفا لوجوده سواء كان الشكّ في بقاء الحكم مسبّبا عن الشكّ في الموضوع أو لا؟ فلا يجوز الاستصحاب بالنسبة إلى شيء من الموضوع والحكم.
أمّا الأوّل : فالاستحالة إثبات موضوعيّة الباقي باستصحاب بقاء ما لا شكّ في عدم بقائه.
وأمّا الثاني : فلفرض عدم كون بقاء الموضوع محرزا.
وإذا تمهّد هذا كلّه ظهر أنّ الاستصحاب لا يصلح محرزا لبقاء موضوع المستصحب فنقول : إنّه في مورد الشكّ في بقاء الموضوع لا بدّ لإحراز بقائه من الرجوع إلى الامور الخارجيّة الّتي منها الأمارات المقرّرة لتشخيص الموضوعات الخارجيّة ، كالصدق العرفي وقول أهل الخبرة وقول العدلين وقول العدل الواحد حيث يعتبر ، أو إلى الأمارات المقرّرة لإثبات الأوضاع والعلامات المميّزة للحقائق عن المجازات ، أو إلى الأدلّة الشرعيّة الواردة لبيان الأحكام ، فإن حصل في إحدى تلك المراتب ما يكشف عن الموضوع وبقائه أو ارتفاعه فلا إشكال حينئذ من حيث جريان الاستصحاب وخلافه ، وإلاّ فيحتمل وجهان :
أحدهما : إلحاق صورة الشكّ في البقاء بصورة القطع بعدم البقاء بقول مطلق في منع الاستصحاب بالوجه الّذي قرّرناه في منع نهوض الاستصحاب لإحراز البقاء ، وملخّصه : أنّ الشكّ في الشرط يستلزم الشكّ في المشروط ، ومرجعه إلى الشكّ في شمول قوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » لما يشكّ في بقاء موضوعه إن لم ندّع ظهور عدم شموله.
وثانيهما : التفصيل بمنع جريانه تارة وإثباته اخرى ، فالأوّل فيما كان الشكّ في البقاء من جهة زوال وصف عن الموضوع محتمل لمدخليّة وجوده فيه أو عروض وصف له يحتمل لمدخليّة عدمه فيه ، والثاني فيما كان الشكّ فيه من جهة احتمال وجود رافع أو رافعيّة موجود للموضوع ، أو ما اخذ فيه من وصف عنواني ذاتي كإطلاق الماء أو عرضيّ