والمرجوح ، كما هو صريح قوله عليهالسلام : « ولكنه ينقضه بيقين آخر مثله (١) » في صحيحة زرارة.
ويرد عليه : أنّ ما يقابل اليقين بظاهره يعمّ الظنّ المعتبر بعدم البقاء أيضا ، فخروجه من العموم مبنيّ على جعل اليقين لما يعمّ الظنّ المعتبر ، ولا يتمّ ذلك إلاّ بتحكيم دليل اعتبار الأمارة الظنّية على دليل الاستصحاب ، القاضي بكون الظنّ المستفاد من الأمارة الفلانيّة قائما مقام اليقين ، الكاشف بمدلوله عن كون المراد من اليقين في دليل الاستصحاب وغيره من الأدلّة المعتبرة لليقين في غير مورد الاستصحاب ما يعمّ ذلك الظنّ ، وهذا هو معنى الحكومة لا غير ، فتوهّم الخروج من باب التخصّص سهو.
وقد يتوهّم كون العمل بالأدلّة في مقابل الاستصحاب من باب التخصيص نظرا إلى أنّ قوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » عامّ في الاحتمال المساوي والمرجوح والراجح وهو الظنّ بعدم البقاء ، ودليل اعتبار الأمارة الظنّية ـ كالخبر الواحد الظنّي مثلا ـ عامّ في الظنّ الابتدائي والظنّ المسبوق باليقين الموافق للحالة السابقة والظنّ المسبوق المخالف لها ، وهذان عامّان من وجه ، فيتعارضان في الظنّ المخالف الحاصل من الأمارة المذكورة ، وقاعدة ارجاع التخصيص إلى أحد العامّين بعينه لعلاج التعارض وإن كان يقتضي لزوم مراعاة شاهد يرجّح هذا التخصيص ، غير أنّه يكفي فيه الشاهد الداخلي الّذي منه كون أحد العامّين أقلّ أفرادا من العامّ الآخر ، وهذا المرجّح هنا في جانب دليل اعتبار الأمارة ، لكون عمومه مقصورا على أفراد تلك الأمارة ودليل الاستصحاب عامّ في الرجحان المستند إلى تلك الأمارة وغيرها من سائر الأمارات المعتبرة وغيرها حتّى نحو القياس والاستحسان والنوم وما أشبه ذلك.
ويندفع ذلك أيضا : بما بيّناه من أنّ دليل اعتبار الأمارة متعرّض بمضمونه لبيان مقدار موضوع الأدلّة الّتي اخذ في موضوعها اليقين ، ومنها أدلّة الاستصحاب وكشفه عن إرادة ما يعمّ الظنّ المستفاد من الأمارة من لفظ « اليقين » وهذا أيضا نحو من الحكومة ، أو عن أنّ المراد من الشكّ المقابل لليقين المتناول لظنّ عدم البقاء ما عدا الظنّ المستند إلى تلك الأمارة ، فإنّ الحكومة قد تفيد خروج شيء من موضوع الدليل المحكوم عليه وقد تفيد دخول شيء فيه ، فليتأمّل في المقام فإنّه حقيق لأن يتأمّل فيه.
المقام الثاني : في مقابلة الاستصحاب لسائر الأمارات الناظرة إلى الواقع المجعولة من
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١.