هذه الحيثيّة ، والاصول الغير الناظرة إليه ، أو الناظرة إليه الّتي لم يعتبرها الشارع من هذه الحيثيّة ، بل من حيث مجرّد احتمال مطابقتها الواقع ، والكلام فيه يقع في مسائل :
المسألة الاولى : في مقابلة الاستصحاب لليد.
فاعلم أنّ اليد دليل على الملكيّة نصّا وفتوى ، ومن النصّ الدالّ عليه خبر حفص بن غياث المنجبر ضعفه برواية المشايخ الثلاث له وبعمل الأصحاب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال له رجل : « إذا رأيت شيئا في يدي رجل أيجوز لي أن أشهد أنّه له؟ قال : نعم ، قال الرجل : أشهد أنّه في يده ولا أشهد أنّه له فلعلّه لغيره؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : فيحلّ الشراء منه؟ قال : نعم ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : « فلعلّه لغيره؟ قال : ومن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكك ثمّ تقول بعد الملك : هو لي وتحلف عليه ، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه إليك من قبله؟ ثمّ قال الصادق عليهالسلام : لو لم يجز هذا ما قامت للمسلمين سوق (١) ».
مضافا إلى أنّ التعويل عليه في جميع الامور والمعاملات معلوم من طريقة العرف في جميع الملل والأديان في جميع الأعصار والأمصار ، مع امضاء الشارع إيّاه على ما هو معلوم بالضرورة.
ثمّ الظاهر أنّها عند العرف من باب الأمارة الكاشفة عن الواقع لا من باب الأصل التعبّدي ، فينتقلون منها في جميع مواردها إلى الملكيّة الواقعيّة انتقالا ظنّيا قريبا من القطع ، حتّى إنّهم إذا اشتروا شيئا من صاحب اليد يعتقدونه ملكا واقعيّا لهم مع أنّه تابع لملكيّته في الواقع لصاحب اليد قبل الاشتراء بل لا يحتملون عدم الملكيّة لهم بعد الاشتراء إلاّ باعتبار احتمال عدم ملكيّته لصاحب اليد قبله ، وعليه مبنى عملهم وامضاء الشارع أيضا حاصل فيه على هذا الوجه ، كما هو ظاهر الرواية المذكورة ، فإنّ لفظة « لعلّه » في كلام السائل في تعليل عدم الشهادة بالملك لفظ يكنّى به عن الاحتمال الضعيف ، فزعمه جهة مانعة من الشهادة بالملك فنقضه الإمام عليهالسلام فيما اشتراه من غيره باعتقاد أنّه يصير ملكا ثمّ يقول بعد الملك : هو لي ويحلف عليه ، مع قيام الاحتمال المذكورة فيه قبل الاشتراء فيسري إليه بعد الاشتراء.
ثمّ أجاب عليهالسلام عمّا زعمه بطريق الحلّ بقوله : « لو لم يجز هذا ما قامت للمسلمين سوق » ومحصّله : أنّ هذا الاحتمال ملغى في نظر الشارع ، ولازمه أنّه اعتبر ظنّ الملكيّة الناشئ عن اليد في جميع مواردها ولو بضميمة الغلبة من حيث إنّ الغالب في مواردها كون
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٢١٥ ، الباب ٢٥ من أبواب كيفيّة الحكم ، الحديث ٢.