لو تحقّق الإخبار قبل الاستعمال أيضا كما لا يخفى ، ولا يظنّ بأحد التزامه.
والفرق بينهما بسبق الاستعمال على الإخبار ولحوقه به ممّا لا يصلح فارقا بينهما في الحكم وهو حجّيّة الظنّ اللازم في الثانية دون الاولى.
ودعوى : أنّ المالك بعد ما وقع إناؤه على يد المستعير المستعمل له لا يدله على الإناء ، فلا يصدق على إخباره المتحقّق في تلك الحال قول ذي اليد.
يدفعها أوّلا : أنّ الواقع في فتاوى كثير منهم التعبير عن عنوان هذه القاعدة بقول المالك وهو صادق في محلّ البحث.
وثانيا : أنّه لم يخرج بذلك عن كونه ذي اليد لأنّه أمر عرفي ، بناء على أنّه ليس المراد من « اليد » الجارحة المخصوصة ، بل هي عبارة عن الاستيلاء على العين على وجه شرعي ، وهو مع إعارة العين باق على حاله خصوصا مع ملاحظة كون استيلاء المستعير فرعا على استيلاء المالك.
نعم يمكن الاستناد في منع تأثير قوله في نجاسة المستعمل له إذا وقع بعد الاستعمال إلى منع عموم في دليل اعتباره بحيث يشمل هذا الفرض ، بدعوى : أنّ هذا الإخبار لا يفيد علما ولا يستفاد من دليله من الروايات وغيرها أزيد من قبول إخبار ذي اليد لو تحقّق حال وجود المورد وبقائه في يده ، فيبقى غيره تحت أصالة الطهارة المستفادة من النصّ والإجماع.
وإن كان من حيث الموضوعيّة والأصل التعبّدي (١) فلا حاجة في منع القبول بالنسبة إلى الاستعمالات السابقة إلى تكلّف الاستدلال بكونه إخبارا بنجاسة الغير ، لأنّ معنى الموضوعيّة هو أن لا يترتّب حكم النجاسة إلاّ على موضوعه المأخوذ فيه إخبار ذي اليد ، ولا يكون إلاّ الإناء بالنسبة إلى الاستعمالات اللاحقة ، لانتفاء جزء الموضوع عنه حال الاستعمالات السابقة ، فهو في تلك الحال لم يكن محكوما بالنجاسة شرعا ليترتّب عليه نجاسة المستعمل له بسبب الملاقاة لأنّه لم يلاق نجسا شرعيّا.
المسألة الثانية : في مقابلة الاستصحاب لأصالة الصحّة في العمل ، ولا إشكال في تقديم ذلك الأصل على الاستصحاب إن اريد به أصالة الصحّة في فعل المسلم الّذي هو من الاصول المجمع عليها فتوى وعملا بين المسلمين المنصوص عليه في الروايات.
ولقد أفردنا لتحقيق ذلك الأصل وتحرير أدلّته من الصحيحة والمزيّفة وبيان جملة من
__________________
(١) عطف على قوله : « لأنّ اعتبار قول ذي اليد إن كان من حيث الطريقيّة لكشفه الظنّي عن الواقع ... الخ ».