ما كان المشتبه معيّنا في الواقع.
ومثل مشاحّة الإمامين إذا لم يكن لأحدهما مرجّح موجب لاستحقاقه في الواقع ، وقصور المال عن الحجّتين الموصى بهما ، والمتزاحمين في مباح أو مشترك أو عند مدرّس أو حاكم ، وثلث العبيد الموصى بعتقه والموصى لهما إذا قصر الثلث عن أحدهما ، وتعدّد السيف والمصحف وما أشبه ذلك ممّا اشتبه ظاهرا وواقعا.
فما يوجد في كلام بعض الأصحاب كثاني الشهيدين وغيره من حصر المشتبه والمشكل بما تعيّن واقعا واشتبه ظاهرا ومنع جريان القرعة في المشتبهين واقعا وظاهرا ، فلم يعرف له وجه واضح متلقّى بالقبول.
وهذا البيان في وجه تقديم الاستصحاب على القرعة في غاية المتانة لو لا شبهة لزوم تخصيص الأكثر ، باعتبار كون خارج دليل القرعة أكثر بمراتب شتّى من داخله ، بل الأوّل غير محصور والثاني مقصور على أمثلة مخصوصة.
ويحتمل توجيهه بكونه من باب التخصّص والخروج الموضوعي ، بتقريب أن يقال : إنّ موضوع القرعة إنّما هو الأمر المشكل أو الأمر المشتبه على اختلاف الروايتين ، ولا إشكال ولا اشتباه فيما يجري فيه الاستصحاب وغيره من الاصول ، كما في الشاة الموطوءة في قطيع غنم ، والاخت المشتبهة بالأجنبيّة فلا إشكال فيهما من حيث وجوب الاجتناب عنهما معا لأصل الشغل ، ولكنّ الإشكال في تشخيص عين الحرام ليلزم على قيمته مثلا على قاعدة الضمان ، وتشخيص محلّ التوارث وارثا أو مورّثا.
فضابط الأمر المشكل ما ليس له طريق شرعي يرفع الاشتباه ، وقد يجتمع في شيء واحد حيثيّتان يجري في إحداهما شيء من الاصول فلا إشكال فيه من هذه الحيثيّة ، ولا يجري في الاخرى شيء من الاصول فهو من هذه الحيثيّة من الأمر المشكل.
وهذا الوجه ربّما يظهر اختياره من بعض الأعلام بناء على ما ذكره في الشبهة المحصورة عند دفع مقالة من يقول فيها بإعمال القرعة.
وهاهنا وجه في توجيه تقديم الاستصحاب على القرعة ، مبناه على ما قيل من أنّ أدلّة القرعة لا يعمل بعمومها إلاّ مع جبره بعمل الأصحاب أو بعمل جماعة ممّن يعتنى بشأنهم كالشيخين والفاضلين والشهيدين وأحزابهم.
وحينئذ نقول : إنّه لا قرعة في مجاري الاستصحاب لا لعدم جريانها ، بل لعدم تماميّة دليل اعتبارها ، إذ لم يعمل أحد من الأصحاب بعمومه مع الاستصحاب. وأمّا في مجاري