وبينه في الشبهات الموضوعيّة.
ومحصّله كون العلم بعدم المعارض شرطا للعمل بالاستصحاب في الأوّل والعلم بوجود المعارض مانعا من العمل به في الثاني ، وحيث لا يعتبر فيه العلم بالعدم فلذا لا يشترط في العمل به الفحص عن المعارض وإن احتمل وجوده ، بل علم وجوده فيما بين الاستصحابات ، من غير فرق في ذلك بين المجتهد ومقلّده حيث رخّصه المجتهد في العمل به في الموضوعات إن جوّزناه فيعمل به حينئذ بلا فحص ، غير أنّه ربّما يستشكل في جواز ترخيصه في العمل به ولو كان عاميّا بحتا لأنّه كثيرا مّا يعمل بالاستصحاب مع معارضة استصحاب آخر مزيل له أو غيره ممّا يرد أو يحكم عليه من الأمارات أو الاصول ، لعدم تميّزه بين المزيل والمزال ، والوارد والمورود ، والحاكم والمحكوم عليه ، فالوجه حينئذ أن لا يرخّصه المجتهد في العمل بالاستصحاب على الوجه الكلّي ، بل يفتي له في كلّ مورد استصحابي بالحكم الاستصحابي الموجود في هذا المورد بالخصوص ، مثل أن يقول فيمن تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث : أنّه يبني على الطهارة ، وفيمن تيقّن الحدث وشكّ في الطهارة : أنّه يبني على الحدث ، وفيمن تيقّن طهارة ثوبه وشكّ في تنجسه أو تيقّن نجاسته وشكّ في ازالتها : أنّه يبني على الطهارة في الأوّل والنجاسة في الثاني ، وهكذا يصنع في سائر الموارد كما هو الطريقة المعمولة عند أصحابنا المفتين رضوان الله عليهم.
ويمكن الفرق بين المقلّد العالم الّذي يعرف الاستصحاب وشرائطه فيرخّصه في العمل والعامي الّذي ليس بهذه المثابة فلا يرخّصه في العمل به ، بل يفتي له بما يحتاج إليه من الحكم الاستصحابي في كلّ مورد بما يخصّه.
هذا آخر ما أوردنا في باب الاستصحاب ، الحمد لله أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا ، وقد وقع الفراغ في ليلة الأربعاء السابعة والعشرين من الجمادي الأوّل من سنة ألف ومائتين وخمسة وثمانين سنة ١٢٨٥.