بمعنى حتميّة الترك ، فكونه ظاهريّا باعتبار ظهوره من الشارع بالأدلّة.
ورابعة التحريم الواقعي ، لا بمعنى كونه حكم الواقعة من حيث هي ، بل بمعنى كونه الحكم المجعول للمشتبه بحسب نفس الأمر ، والمفروض أنّه عبارة عن حتميّة الترك ، وكلّ حكم مجعول لموضوع حكم واقعي في موضوعه بهذا المعنى ، فهذه أيضا عبارات مختلفة لبيان معنى واحد فلا تغاير بينها بحسب المعنى.
ومنهم من زعم تغايرها معنى أيضا كالعلاّمة البهبهاني (١) ، ولذا اسند إلى الأخباريّة مذاهب أربع بحسب العبارات الأربع.
والأظهر من وجوه الفرق على تقدير تسليم التغاير المعنوي بينها أيضا هو أن يكون التوقّف عبارة عن الوقف في الوقائع المجهولة المحتملة للتحريم عن الإفتاء بالحكم الخاصّ والحكم العامّ معا ـ أعني الوقف عن حكم الواقعة من حيث هي ـ وعن حكمها من حيث الاشتباه مع التزام الاحتياط في مقام العمل ، ويكون مراد من عبّر بوجوب الاحتياط أنّ الحكم العامّ للواقعة المجعول لها بملاحظة اشتباه حكمها الواقعي وجوب الاحتياط ، ويكون مراد من عبّر بالحرمة الظاهريّة هو أنّ الحكم العامّ المجعول للواقعة بملاحظة الاشتباه وإن كان هو الإباحة إلاّ أنّه يجب الترك في الظاهر لحماية الحمى.
ومراد من عبّر بالحرمة الواقعيّة هو أنّ في ارتكاب المشبهة احتمال الوقوع في المهلكة كما هو قضيّة حديث التثليث الآتي ، ولا ريب أنّ الوقوع في المهلكة حرام فيجب ترك المشتبه مقدّمة ، فوجوب الترك على هذا البيان وإن كان مقدّميا ، إلاّ أنّه بملاحظة المقدّميّة حكم الواقعة من حيث هي فيكون تحريما واقعيّا ، فتأمّل.
وربّما يحتمل كون الاختلاف بين وجوب التوقّف ووجوب الاحتياط لاختلاف مدرك الحكم ، فمن اعتمد على الروايات الآمرة بالوقف عبّر بالأوّل ومن اعتمد على الأخبار الآمرة بالاحتياط عبّر بالثاني ، ولا يترتّب على تحقيق هذا المقام فائدة مهمّة ، فالحريّ بالمقصد هو الرجوع إلى أدلّة القولين.
فنقول :
احتجّ الأوّلون بالأدلّة الأربعة : فمن الكتاب الآيات المتقدّمة مضافة إلى قوله تعالى :
__________________
(١) الفوائد الحائريّة : ٢٤٠ ، والرسائل الاصوليّة : ٣٤٩ ـ ٣٥٠.