الفصل الثانى
[ ما يدل على جواز التداوى ]
فان قلت : هذا ، أي عدم جعله تعالى في شيء منه دواء ولا شفاء ، مع أنه خلاف الواقع والعيان ، وما دلت عليه التجربة والامتحان ، وما ذكره كثير من الاطباء من كونه دواء لكثير من الداء ، وقد سبقت اليه الاشارة والبيان.
ينافيه ما رواه في الكافي عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين والحسن بن موسى الخشاب ، عن يزيد بن اسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي.
فالسند صحيح على الظاهر ، اذ ليس فيه من لم يصرحوا بتوثيقه الا ابن اسحاق ولكنه وثقه الشهيد الثاني في شرح الدراية ، وهو غير بعيد ، ومع ذلك سماه في شرح الشرائع حسنا.
عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل اشتكى عينيه ، فنعت له كحل يعجن بالخمر ، فقال : هو خبيث بمنزلة الميتة ، فان كان مضطرا فليكتحل به (١).
فانه صريح في أن في الخمر ، وهي أم الخبائث ومن أكبر المحرمات دواء وشفاء ولذلك أبيح له الاكتحال به وقت الاضطرار والظاهر أن الامر هنا للاباحة ، بمعنى الاعم الشامل للوجوب ، لان الاضطرار قد يؤدي اليه اذا خاف فساد العين مثلا ، وكان الدواء منحصرا في الكحل المعجون بالخمر.
قلت : ليس المراد بعدم جعله تعالى فيه دواء ولا شفاء أنه سلبه عنه بالكلية حتى يقال انه خلاف الواقع ، بل المراد أنه تعالى منع عباده من التداوي به
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٩ / ١١٤ ، ح ٢٢٨ ، ولم أعثره فى الكافى.