وأما عدم جواز شربه مطلقا عند عدم خوف التلف ، فلدلالة هذه الاخبار الكثيرة عليه وفيها ما هو صحيح ، مع أنه لا يحتاج الى دليل ، لان الخمر وكل مسكر حرام بالضرورة من الدين لا يجوز أكله ولا شربه ولا التداوي به الا ما أخرجه الدليل ، وشربه لطلب الصحة ليس منه.
وقال بعض متأخري أصحابنا : لو قام غير الخمر مقامها وان كان محرما قدم عليها ، لاطلاق النهي الكثير عنها في الاخبار ، وهو جيد اذا كان غيرها أضعف تحريما منها ، وأما اذا كان مثلها أو أقوى منها تحريما كالميتة والدم ولحم الخنزير ، كما أشار اليه العلامة وتبعه فيه الشهيد الثاني.
ودل عليه قوله عليهالسلام في صحيحة الغنوي « هو خبيث بمنزلة الميتة » وقوله في صحيحة الحلبي « انه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير » فان المشبه به أقوى من المشبه على ما تقرر عندهم فلا.
مثلا لو فرض أن الترياق الفاردق يقوم مقامها وفيه جزء من الميتة ، وهو أخبث منها وأشد تحريما ، لما جاز تقديمه عليها والعدول منها اليه ، فتأمل.
الفصل الرابع
[ ما يحصل به الضرورة المبيحة ]
خوف التلف من المرض ، كما يحصل للمريض بتجربته أو بحذاقته في الطب ، وعلمه بأن المرض الفلاني مهلك لو لا الدواء الفلاني ، كذلك يحصل باخبار من يفيد اخباره العلم بذلك ، مسلما كان أم كافرا ، حاذقا كان أم غيره.
وبالجملة فهو في ذلك يرجع الى ظنه المستند الى امارة ، أو تجربة ، أو قول من يفيد قوله الظن ، وان كان فاسقا أو كافرا ، كأطباء غير الملة.