وأما دلالتهما على أن الحدث المتخلل غير مبطل فحاشا ، لان طول الزمان المتوسط بين الغسلين لو سلم له أن المراد به حقيقته لا المبالغة في جواز التبعيض وعدم وجوب الموالاة بين غسل أعضاء الغسل كما في الوضوء ، لا يدل عليه ولا يقتضيه بوجه.
ولو صح بمثل هذا الاطلاق استنباط صحة مثل هذا الغسل لصح أن يستنبط منه عدم حاجته الى انضمام الوضوء اليه ، فكان مؤيدا لمذهب ابن ادريس لا السيد ، فكونه حينئذ أجود المذاهب محل نظر.
وليس ببعيد كثيرا أن يراد بالصلاة المذكورة في الحديث صلاة الصبح لا صلاة الظهر ، فان الغدوة بالضم عبارة عما بين الفجر وطلوع الشمس ، كما في القاموس (١).
فيحتمل أن يكون المراد أنه عليهالسلام كان لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه عند طلوع أول الفجر ، ويؤخر غسل سائر جسده لمانع أو غيره الى زمان يريد فيه صلاة الصبح ، فعند ذلك يغسله ويصليها ، فتأمل.
على أن هاتين الروايتين مطلقتان ، ومرسلة الصدوق مفصلة ، والمفصل يحكم على المطلق ، وقد عرفت أن هذا الارسال غير ضائر ، فتدبر.
الفصل الثامن
[ ما يقتضيه الاحتياط فى المسألة ]
لا شك أن اعادة هذا الغسل أقرب الى طريق الاحتياط ، للاتفاق ظاهرا على صحته ، لان القائل بالاتمام مع الوضوء أو بدونه لا يقول بحرمة الاعادة ولا بطلانها بل يقول بعدم وجوبها ، أو عدم الحاجة اليها ، كما يظهر من النظر الى دليلهم.
__________________
(١) القاموس ٤ / ٣٦٩.