بسم الله الرّحمن الرّحيم
في التهذيب في باب الزيادات في القضايا والاحكام ، عن أنس بن مالك عن سيد الأنام عليه وعلى آله الصلاة والسلام ، قال : لسان القاضي بين جمرتين من نار حتى يقضي بين الناس ، فاما الى الجنة واما الى النار (١).
قال صاحب البحار عليه رحمة الله الملك الغفار في حاشية له عليه : كان المراد من الجمرتين الميل الى كل من الخصمين ، فان لم يمل الى واحد منهما فإلى الجنة ، والا فإلى النار (٢).
ولا يخفى على ذوي الابصار أن ارادة الميل من الجمرة بعيدة ، إذ لا قرينة هنا ولا علاقة بينهما ، ولا طريق للانتقال منها اليه ، ولا وجه لتشبيهه بها وإطلاقها عليه ، بل هو من قبيل إطلاق آسمان وارادة ريسمان ، بل هو أبعد مما بينهما.
إذ لو كان المراد من الجمرتين الميل الى كل من الخصمين لكان الواجب أن يقول : حتى يقضي بين الخصمين لا بين الناس ، إذ لا معنى له أصلا ، وسيما إذا
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٦ / ٢٩٢ ، ح ١٥.
(٢) ملاذ الأخيار ١٠ / ١٨٩.